عن معالم مدرسة الحياة وعلم الاجتماع ..
حول سياسة التنظير والمنظرين والكلام المعسول المجبول املا ووعدا والمغلف بالسوادية ، نذهب والبداية من السؤال : ماسبب تحويل الأزمات الى نكت واستهوان الواقع والتعايش معه وفيه ..!!؟
فالجواب قد ذكره ابن خلدون في كتابه الشهير مقدمة ابن خلدون الذي درس فيه حال الأمم وارتقاؤها ودمارها فقال : إذا رأيت الناس تكثر الكلام المضحك وقت الكوارث ، فاعلم أن الفقر قد أقبع عليهم ، وهم قوم بهم غفلة واستعباد ومهانة ، كمن يساق للموت وهو مخمور ..!!..
حتما اليوم الجو حار بشدة وسافل مخمور يسكر الحجر ، يريدنا أن نشلح ، ولكن ماذا نشلح وكيف نشلح ومن اجل من سنشلح ، لكننا والواقع يقول : حتما بدانا نشلح الكثير والكثير في واقع حياتنا وأول ما بدأنا شلحه قيمنا وأخلاقنا ..!! ، فنحن نعيش في زمن أصبح المواطن يحلم في يوم من الايام ان يصبح في مرتبة الحيوان وقد صدق نزار قباني في استقراءاته ..!! ولكنها واقعا أصبحت أقرب للتحقق في هذا الزمن العاهر الفاجر الذي لا يرحم .. .
لكننا الفجر الذي لابد إن ينجلي ..!! فنحن جيل المميزون قد نشأنا وتربينا على الحب والتسامح والوفاء والإحترام لكل القيم النبيلة ، فقد عاصرنا رجالاً ونساء لم يعرفوا القراءة والكتابة ولكنهم اتقنوا علم الكلام ، في وقت لم يدرسوا الأدب ..!! ولكنهم علمونا الأدب ، لم يدرسوا قوانين الطبيعة وعلوم الأحياء ولكنهم علمونا فن الحياء وأخلاق الحياة ، لم يقرأوا كتابا واحدا عن العلاقات الاجتماعية والأخلاق ، ولكنهم علمونا حسن المعاملة والاحترام ، حيث كنا في يوم نتحدث مع بعض ولا نتحدث عن بعض ، فتقديري لمن علمونا أن للأهل هيبة ، وللمعلم وللعشرة وللجيرة وللزمالة وللصداقة هيبة ،فقد كنا نحترم سابع جار ، ونتقاسم مع الأخ والصديق المصروف واللقمة والأسرار ..
لذلك لانجد الشهادة الدراسية مقياس لفهم ووعي صاحبها ، في زمن رأينا أطباء قد دقت على الطناجر ليسقط نظام الدولة الوطني ، وحقوقيين قالوا النظام عم يخفي الدبابات بمداخل البنايات ، ومشايخ قالوا الملائكة تقاتل ضد النظام وحللوا وأفتوا بالقتل الحرام ومازال البعض منهم بيننا يحلل ويحرم ما يريد منه فتنة ودمارا للأخلاق والدين ، ومهندسين تحزموا بالأحزمة الناسفة وفجروا انفسهم ، وفنانين وفنانات عملوا الساروت أيقونة ، واعلاميين حييوا تركيا وهاجموا وطنهم ، وطلاب جامعة علقوا بالرقم اثنين حتى اشعار أخر ، فنحن عشنا في زمن الأساتذة يعلمون طلابهم أن كل من ليس من دينهم كافر ، ومثقفين لازالوا يضعون لايك للخنزيرة وأدرعي وفيصل القاسم وامثالهم واشباههم في الوطن وخارجه .. .
لذلك إياك للحظة أن تفكر اني أقَيمك بموجب مستواك الدراسي ، فالزمن الذي كنا نحترم فيه مجرد كلمة دكتور واستاذ قد ولّى ومن غير رجعة ، فهؤلاء لم تعد لهم قيمة ترجى في وطني ، ولا مكان لهم في زمان البلطجة والفساد ، والمحسوبيات … لكنني فقط ..!! سأحترمك بقَيمك ومبادؤك ومثلك العليا من خلال فَهمك ووعيك لكل ما يجري في وطنك ، من خلال خوفك على وطنك ومحبتك لهذا الوطن وترابه وعشقه ، في وقت نسبة كبيرة من الشهداء الذين ارتقوا للرفيق الأعلى رحلوا من غير شهادات دراسية ، لكنهم ليسوا أميين ، بل خريجين من جامعة الوطن الوطنية التي تعلم مبادء الحياة وصون الاوطان والدفاع عن سيادتها وكرامتها بالشرف والأخلاص ، يعلمون ويعلمون معنى الوطنية وإفتداء الوطن وصونه والدفاع عنه ومعنى أن يعمد ترابه بدماء الشهداء .. ، هؤلاء من يستحقون كل الاحترام والتقدير ، فحذاء الواحد فيهم لا تساويه ولا توازيه جامعات العالم كله ولا كل الشهادات والمناصب بانواعها .. ، فعامل النظافة اليوم الذي يعمل بهذا الحر الفاجر مكنسته تساوي كل جامعات العالم عندي ، وشرفاء لازالوا يتمسكون بمبادئهم وأخلاقهم في كل المواقع والمؤسسات الوطنية كالقابض على جمرة ، يصبرهم إيمانهم بوطنهم وحتمية انتصار وطنهم وشعبهم ، فالزمن لا بد ان يرحل ليحل زمان جديد ، تخلوا منه سياسة البلطجة وثقافة الفساد التي تحاول الترسخ والتجذر في عقول شعبنا من خلال خطط ممنهجة يقوم عليها ظل وكف أسود بالخفاء يتواجد في كل مكان كالأخطبوط بأدواته المتوعة وعتادها ، فالصمود ليس كلمة يستطيع احد كائن من كان أن يعلمنا معناها ، أو ينظر علينا فيها أحد ونعلم انه ليس بحجم حرف من هذه الكلمة ، فالصمود واقع الأمم وعنوان ارتقائها في لحظة تصنغ فيها التحولات ويبدا الطوفان الذي سيأخذ معه كل ظلام ، والتصحيح والاصلاح هو الامل ، وليس أي كلام ، فلا ينظر علينا أحد فقد مللنا التنظير واصبحنا شعب يتقن فن التنظير وسياسته ، لكننا في الوطنية نحن المعلم والحضارة والتاريخ ، فنحن شعب لايموت والعالم كله يشهد ، فأين ما حللنا نصنع أنفسنا من جديد ، وفي وطننا وإن متنا نعود للحياة ، فنحن الأسطورة ، نحن طائر الفينيق الذي يبعث من الرماد ، لا يستهون أحد كان موتنا ، فنحن الحياة وسرها لمن لايريد أن يفهم ، فقد آن الأوان ليتعلم من هي سوريانا وشعبها..
د.سليم الخراط
دمشق اليوم الجمعة ١١ شباط ٢٠٢٢.
Discussion about this post