كَتَبَ اسماعيل النجار:
سؤال وجيهٌ يحتاج إلى تفكيرٍ عميق جداً،وجواب مُقنع، لكي يكون بمستوىَ آمال اللبنانيين، الذين ينتظرون على حفافي القبور، قبل دفنهم أحياء.
كنَّا نسمع أهلنا دائماً يقولون :
“لَن يُصلِح العطار ما أفسدهُ الدَهر”
ولكن، نستطيع اليوم أن نؤكد أننا، كلبنانيين، نستطيع أن نُصلِح ما أفسدهُ السياسيون، وبكل هدوء وبساطة، حتى إننا لَن نكون بحاجة إلى رفع نبرة الصوت أو بذل أي جُهد، كُل ما في الأمر أننا نحتاج إلى إقران أمرين مهمين بداخلنا وفي رؤوسنا وعقولنا أحدهما بالآخر، لكي ننجَح بالوصول إلى مبتغانا في الإصلاح، ونُحقق الهدف المنشود.
الوعي + الإرادة = النجاح.
وأي واحدة منهما دون الأُخرَىَ لا تفي بالغرض.
فإذا وَعَينا جيداً وأدركنا تماماً أسباب سقوطنا في الهاوية، وإفقارنا وإذلالنا، وكيف نُهِبَت مقدراتنا الفردية التي تشكل جَنَى أعمارنا،نكون قد حدَّدنا الثغرات والمسببين والفاعلين، وأماكن تمركزهم والأدوات التي استخدموها حتى أوصلونا لما نحن فيه.
حينها، لا يبقى علينا إلَّا السير بهدوء وإنتظام، وثقة عالية بالنفس مُجَرَّدين من العاطفة والتِبَعِيَة، ونقف خلف السِتارة متحررين من أيَّة التزاماتٍ أو قيود، كاتبين بأقلامنا أول سطر من مستقبل لبنان الجديد، بِ “لا” مَدوِّيَة، للُّصوص والسارقين وأرباب الطائفية والمذهبية والمحاصصة والأمن بالتراضي، وأصحاب الكانتونات والعصابات والأزلام.
إذا تصرفنا بطبيعة البشر العاقلين المحترمين، من دون أن نختار أي جهة على وطننا، فإنّنا حتماً سنفوز وسننجح في التغيير المنشود، ونحاسب كل الأيادي التي امتدَّت إلى المال العام والخاص.
أيضاً، عندما ننجح في جَمع الوعي والإدراك، ننجح في معرفَة مَن دافعَ عنّا وحمانا، ورفعَ مظالم الِانعزالية والصهيونية والداعشية الوهابية السعودية؛ ولا شَك أنّنا حينها، إذا قَرَّرنا بشكلٍ سليم، ستُصيب سِهامُنا ولَن تَخيب.
لبنان المارونية السياسية وَدَّعناهُ في الظاهر عام1988، لكن في الباطن، لا تزال دولة المارونية العميقة متجذرة في المؤسسات ولها نفوذها الكبير،
بتفاصيل شَتَّىَ، ومنها قراراتٌ تخرجُ عن ديوان الصَرح البطريَركي، تُنَفَّذ على الأرض، وتَعتمِلَ في صدور السياسيين من كل الاتجاهات.
أما لبنان الطائف فهو أسوَأُ صيغةٍ طائفيةٍ ومذهبيةٍ توصلَ إليها اللبنانيون بريالات آل سعود، وهذه الصيغةُ لها دلالاتها على الأرض،نتيجة تجربة الحكم منذ العام 1992 لغاية اليوم، وواضحٌ ما أوصلتنا إليه.
سياسيو لبنان اعتادوا الولاء للخارج، ويُفَضلون الوصاية على السيادة من أجل حماية سلطانهم وأنفسهم، لِاخْتِلال موازين القِوَىَ الداخلية، وضعف ثقتهم بعضهم بالبعض الآخر،
وهذا الأمر لا علاقة للشعب فيه، لكن يجب أن يتوقفَ التحريض، ويُمُنِعَ التطييف والتَمَذهُب، ويتم وضع مناهج دراسية احترافية ووطنية، مع إلغاء تدريس مادة الدين في المدارس،
وعدم منح تراخيص لمدارس تحملُ طابعاً دينياً ومذهبياً.
فإذا نجحنا بذلك، حينها سوفَ ننجح بشطب الطائفية من النفوس والنصوص على حَدٍ سواء، ويدخُل لبنان عصر المساواة بين أبنائه،ويصبحُ قادراً على بناء مؤسسات، قضائية وأمنية وإدارية واجتماعية ناجحة، وتستطيع أن تنتقل بهذا الوطن إلى صدارة العالم الحر المتقدم، خصوصاً وأنّ فيه مقاومَة وقوَّة قادرة ومُقتدرَة محسوباً حسابُها،ولها تاريخها وتجربتها ويطمئنُّ لها كل شريف وحُر،على إمتداد العالمين العربي والإسلامي.
أيها اللبناني…
نحو التفكير بعمق دُر.
نحو جمع الوعي والإرادة معاً دُر.
حينها نحو لبنان أفضل سنصل.
اصنعوا وطنكم بأيديكم، وقدِّموهُ نموذجاً متقدماً لأبنائكم.
كونوا على قدرٍ من الِاستعداد والمسؤولية.
تهيّأوا ليومٍ فاصلٍ أنتم تحددون مستقبلكم فيه، تسيرون من خلاله إلى الأمام،وتحققون قفزةً نوعية،أوتعودون به إلى الخلف، وتَحيَون، كما قال العزيز الجبار :
{وَ عَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا ما قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
صدق الله العليُّ العظيم.
بيروت في….
15/1/2022
Discussion about this post