المهندس: ميشيل كلاغاصي
أكثر من عقدٍ ولا زال السلطان المريض يكابر لاهثاً وراء أوهامه وأحلامه العثمانية البائدة , دون أن يأبه لحجم الماّسي التي ارتكبها بحق جيرانه وخصوصاً في سوريا , ولا زال يشعر بالحيوية الإجرامية , بما يكفي لإعادة نشر قوات إحتلاله ومئات الجنود والمعدات العسكرية على الحدود السورية – التركية , وتلك الأرتال الإضافية من الدبابات وقاذفات الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي , التي استجلبها مؤخراً نحو الداخل السوري من خلال استمراره بالتعدي وبخرق كافة الأعراف والقوانين الدولية …
ولازال يتبع سياسة خارجية مارقة إستعمارية يقودها جيش الدولة التركية , واّلاف المرتزقة والإنكشاريين تحت عناوين ثورجية جوهرها شبق القتل والشهوات والمال , حملاتُ وحشود وعمليات عسكرية دأب على استخدامها على غرار العمليات العسكرية السابقة التي نفذتها أنقرة خلال الأعوام الثلاثة الماضية… وذلك بعد أن حصل على دعمٍ جديد من البرلمان التركي لإستمرار العدوان على سوريا والعراق مدة عامين , استهلها في 29 /10/2021 بقصفٍ مدفعي لبعض القرى التي تسيطر عليها “قسد” في الشمال السوري , وفي محيط ريف الحسكة الشمالي الغربي .. وسط الغضب وتزايد المشاعر المعادية لتركيا , وخروج السوريين في العديد من المدن والبلدات للتظاهر, ودعماً وتأييداً للقيادة والدولة السورية وللجيش العربي السوري.
وعلى عكس ما يُظهره الرئيس التركي , أصبح الوضع الإقتصادي في تركيا الآن أكثر تفاقماً وحرجاً عن الفترات السابقة , وبات الحديث عن عملية عسكرية جديدة وتكاليفها , يثير التساؤلات في الداخل التركي , حول السياسة الخارجية والإقتصادية لحكومة حزب العدالة والتنمية الحالية , وسط تصاعد مواقف المعارضة الداخلية وتحميلها المسؤولية المباشرة لتردي الأوضاع الداخلية والعلاقات الخارجية للرئيس “السلطان” وحاشيته (حزب العدالة والتنمية) , حيث أكد زعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو، أن البيانات الرسمية المعلنة “لا تتوافق الواقع الذي يعيشه الشارع التركي”.
في وقتٍ لا يمتلك رئيس حملة العدوان العثماني رؤية استراتيجية واضحة لشن العملية العسكرية الرابعة في سوريا , ويتحدث عن عدة محاور محتملة لعدوانه , لا يمكن رصد أي مؤشرات لدعم مخططاته وإمكانية نجاحه في مبتغاه … في حين أنه ماضٍ بتكرار إسطوانة رغبة بلاده بـ “تحييد التهديد الكردي” , محاولاً إخفاء حقيقة بحثه عن موطئ قدم قوي في شمالي سوريا , وحماية المجاميع الإرهابية التركية في قتالها البيني مع غير جماعات في إدلب , وكذلك تحسباً لدخول الجيش العربي السوري الذي يتهيأ لتحرير المحافظة .
لا يمكن استبعاد لجوء الرئيس التركي للتصعيد العسكري في سوريا , وبأنها من بين أفكاره لمعالجة تراجع سياساته على مستوى الداخل التركي وعلاقاته مع واشنطن وموسكو , وتحضيراً للقاءات التي عقدها لاحقاً مع الرئيس الروسي والرئيس الأمريكي , واستخدامها للتنازلات التي يعلم أنه بصدد تقديمها لكلا القطبين , في قمة مجموعة العشرين ومؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في روما .
ومن خلال المؤتمر الصحفي للرئيس إردوغان الذي عقده في 31 تشرين الأول على خلفية قمة مجموعة العشرين في روما ، أكد أنه نقل إلى الرئيس بايدن “استيائه” من إمداد الولايات المتحدة لوحدات الحماية الأكراد في سوريا بالسلاح ، وأمله في “ألا تستمر هذه العملية على هذا النحو في المستقبل” ، في الوقت الي أشارت فيه وكالة الأناضول إلى اتفاق الطرفين على إنشاء آلية مشتركة لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بشكل أكبر , الأمر الذي يعكس فشلاً أمريكياً – تركيا للتوصل إلى إتفاقٍ مرضٍ لكلا الطرفين في سوريا , وعليه لم يعط إردوغان الضوء الأمريكي الأخضر لعمليته العسكرية المزعومة , وبأن واشنطن لازالت تعول على الأعمال العدوانية الإسرائيلية لتحقيق أهدافها في سوريا , بشكل أكبر من تعويلها على الدور التركي .. في الوقت الذي تؤكد التحركات العسكرية الروسية في شمال البلاد وتحديداً في مدينة القامشلي ومطارها , عن رفض روسي لأي عملية عسكرية تركية قد يقدم عليها الرئيس التركي.
إن إرتباط العدوان الإسرائيلي المتكرر على سوريا , بالمصالح الأمريكية , يجعلها تستفيد من بروباغاندا الفوبيا الإسرائيلية – الأمريكية للوجود العسكري الإيراني في سوريا , ويمنحها ذرائع إضافية لإطالة أمد الحرب على سوريا وبإستمرار وجودها اللا قانوني هناك … ويأتي الحديث التركي عن اجتياح مناطق “الإرهابيين الأكراد ” ليصب بعكس مصلحة واشنطن , ويفتح الباب على إحتمالية الصدام العسكري الأمريكي – التركي في سوريا , في حال تعنت إردوغان وأقحم نفسه فيما لا طاقة له على تحمله , والذي سيتسبب بإنهيار تام للعلاقات الثنائية مع إدارة بايدن , ناهيك عن صعوبة الموقف الأمريكي في سوريا , مع تنامي مشاعر الكراهية الشعبية وتصاعد المقاومة السورية , نتيجة إستمرار وجود الإحتلال الأمريكي على الأراضي السورية , وإنضمام المزيد والعديد من زعماء العشائر والعشائر العربية في شرق سوريا إلى الاحتجاجات المناهضة لأمريكا ، ودعماً وتأييداً لقيادة وحكومة الجمهورية العربية السورية الشرعية في دمشق.
Discussion about this post