بقلم المهندس باسل قس نصر الله مستشار مفتي سورية
توفي سيادة المطران المناضل “هيلاريون كبوجي” في الأول من كانون الثاني لعام 2017 ميلادية، وبعد أربعين يوماً من وفاته أقامت الحكومة السورية تأبيناً له في مكتبة الأسد بدمشق، كما قامت بالتوجيه لإنتاج مسلسل “حارس القدس” عن مسيرة حياته، كان له الوقع الكبير عندما بُثَّ في شهر “رمضان المبارك” من عام 2020، وأخذ صدىً كبيراً في فترة كنّا نلمس الهرولة المتسارعة لدفن موضوع الاحتلال الإسرا ئيلي لفلسطين.
كم كنا بحاجة الى ما بثَّته القنوات التلفزيونية في مسلسل “حارس القدس” عن “المطران كبوجي” الذي كان حارساً فعلياً للقدس وللشعب الفلسطيني – وكل الشعوب المقهورة – بمواقفه البطولية، مما أكسبه محبةً كبيرةً في قلوب السوريين والفلسطينيين وكل الأمة العربية والإسلامية.
إن وفاته كانت في أحد مشافي “روما” عاصمة “إيطاليا” ونقل جثمانه منها الى “بيروت” حيث دُفن – بناء على طلبه – بالقرب من والدته، ذلك أنه عندما أصبح رئيساً للرهبنة الباسيلية الحلبية، ومقر إقامته في “صربا” بجونية في لبنان، انتقلت والدته الى بيروت، لكي تكون قريبة منه، ثم عندما عُيِّن مطراناً لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك على القدس، بقِيت في بيروت حيث كان يزورها بشكل مستمر، وبعد سنوات عندما اعتُقِل في القدس وسُجن، بقيت والدته في بيروت وماتت فيها ودُفِنت في مقابر الدير ولم تُنقل الى حلب، وعندما توفي المطران كانت وصيته أن يُدفن مع والدته، وليس أن يُدفن في لبنان كما أَشاعَ البعض، وأنا واثق أنه سيأتي يومٌ يُنقل جثمانيّ “المطران كبوجي ووالدته” إلى مدينته التي أحبها “حلب”، لكي ترتاح روحيهما.
ولكن قبل ذلك هل تعلم عزيزي القارىء أنه في حال وفاة أي مواطن خارج سورية، فعليه أن يجلب وثيقة وفاة من المكان الذي توفي به؟ وهذا شيء قانوني، ثم يُصار بعدها إلى متابعة الإجراءات الورقية في أمانات النفوس في سورية ليتم إصدار بيان وفاة، ثم حصر ارث لورثته.
و”سيدنا المطران” وفق الشرع الكنسي غير متزوج ولا أولاد له ولم يترك شيئاً ليورثه الى أقربائه سوى بعض الممتلكات الشخصية التي يتفاخرون بها مثل نظاراته وقبعته وكتاب إنجيله وغيرها.
ونتيجة عدم إمكانية الذهاب الى إيطاليا لاستصدار أوراقاً من المستشفى ولِعدم وجود سفارة سورية في إيطاليا، التي لو وُجدت لما توانت مطلقاً بالقيام بأي عمل يخدم “سيِّدنا”، وقد راجعتُ مراراً أمانة السجل المدني في حلب، التي بقي المسؤولون متمسكين بقرارهم من ضرورة وجود كتاب رسمي من المستشفى في روما، لكي تتم عملية غصدار بيان وفاة.
الحكومة السورية قامت بتأبينه بتوجيه من الرئيس، ووجّه بإقامة المسلسل، وأنا أعرف أن هناك فكرة جدية لنقل جثمانه إلى حلب، وإشادة ضريح لائق برمز من رموز سورية.
وعندما نُقل جثمانه من روما الى بيروت حضر الجنازة السفير السوري في لبنان، ونَقلت كل المحطات العربية والعالمية نبأ وفاته، وكل العالم نعاه، إلاّ في أمانة نفوس حلب ما زال “المطران كبوجي” حياً يُرزق.
إن الترهل وعدم الاهتمام لم يجعلهم يُعلمون الأمانة العامة للنفوس ولا وزير الداخلية التي تتبع “أمانة النفوس” له، والذي بدوره يُعلِم من يجب عليه إعلامه، لكي تتم معالجة الأمر وإصدار بيان وفاة لسيِّدنا بعد ما يقارب الخمس سنوات على وفاته، علماً ان مطرانية الروم الكاثوليك بحلب زودتني بكتاب بأن المطران قد توفي.
ألا يستحق “سيّدنا كبوجي” أن يبادروا ويتابعوا الموضوع ويُعلموا السيد وزير الداخلية بذلك.
لا شك أن العظماء تبقى أفكارهم ورؤاهم وأعمالهم حية، إلا أن أمانة السجل المدني في حلب، ذهبت بعيداً فجعلته حياً حتى في أوراقها.
عاااااش “المطران كبوجي” عاش عاش عاش
اللهم اشهد أني بلغت
Discussion about this post