اليمن ورسول الله
خلال كل مراحل التاريخ المرتبط برسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم كان اليمانيون يتواجدون فيه بقوة ايمانهم وحبهم واتباعهم للحق فمن قبل ان يولد وعند البعثة والهجرة وبعدهما حتى هذه اللحظة وبعدها حتى نقابله عند الحوض اليمانيون هم الأكثر حضوروا وتواجدا .
بقلم د.يوسف الحاضري
كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
abo_raghad20112@hotmail.com
اسم اليمن وشعبها واصولها وتعمقهم في حب وتبعية الحق واهل الحق ونبذهم ومعاداتهم للباطل اهل الباطل منذ ان ظهر على الأرض قبل آلاف السنين استمر وسيستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها ٫ وهذه الثباتية تم تدبيرها بحكمة مدبر الامر ( اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ) فيقينهم بالله وبلقاءه هو من جعلهم في عين الله (فإنك باعيننا) وهذه الثباتية لها حكمة من الحكيم ومن هذه الحكم تهيئة من ينصر الحق واهله ويتحملون مسئولية الإستخلاف البشري للارض وفي الارض لذا لا عجب ان نجدهم مرتبطين برأس الحق وسيد الحق محمد صلى الله عليه واله وسلم من قبل ولادته بمئات السنين وحتى يومنا هذا ٫ وهذا التمسك لم ولن يكون مجرد نظريات ومشاعر وانما تمسك بالدم والروح والمال والفكر والثقافة والعمل والتحرك . وسأسرد بعضا من هذا الإرتباط العظيم وذلك كالتالي :-
– كما كان رسول الله دعوة ابراهيم عليه السلام ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فجاءت الإستجابة بان بعث (محمدا) ، كذلك اهل اليمن ايضا هم دعوة إبراهيم ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْـمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) فجاءت الإستجابة بأن اصطفاء افئدة اهل اليمن من كل العالم لتكون من تهوي الى ذريته (هاجر وطفلها اسماعيل) ثم زوجوا اسماعيل منهم اي ان اهل اليمن هم اخوال ابناء اسماعيل ومنهم نبي الله محمد كما انهم من يمتلكون النفسية السوية والسديدة والفطرة الحقيقية لتنصر الحق وتقوم به .
– من اهم اهداف بعثة رسول الله للعالم ان يعلمهم الحكمة ( ويعلمهم الكتاب والحكمة) ولا يقوم بهذه الحكمة الا من تجذرت الحكمة فيه واصبح منبع الحكمة ، وكذلك ابناء اليمن هم أصل ومنبع الحكمة بشهادة اصل ومنبع الحكمة محمد صلى الله عليه واله وسلم عندما وصف الحكمة بأنها يمانية (الحكمة يمانية)
– لا يمكن ان يأتي رسول رحمة للعالمين الا من يمتلك صفة لين القلب لاصحابه ومن حوله وللجميع (فبما رحمة من الله لنت لهم) وكذلك الامر ينطبق على حملة الدين والمتحركين به وليس غير اهل اليمن هم كذلك بشهاده هذا النبي العظيم الرحيم (اتاكم اهل اليمن فهم ألين قلوبا وارق افئدة)
– رسول الله هو فضل الله يؤتيه من يشاء ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(٢) وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَـمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(٣) ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ(4) ) وكذلك هم اهل اليمن الذين جاء وصفهم في آية الأستبدال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) فقد قال النبي في هذه الاية هم اهل اليمن .
– عندما وجه النبي الناس جميعا منذ زمنه وحتى اخر الزمن بقوله (اذا حلت بكم الفتن فعليكم باليمن) أي عليكم بالتوجه الى اهل اليمن لتتعلموا كيف تتجاوزوا هذه الفتن فلماذا لم يقل (فعليكم بالقران) وهو الذي يحتوي كل ما يمكن ان يصلح الشأن ويحل الفتن ٫ لانه الذي لا ينطق عن الهوى يعلم من الله ان القران سيتجسد عملا وحركة ووعيا واستيعابا وفعلا في اهل اليمن .
– اعداء رسول الله كانوا يحذرون الناس من الاستماع اليه مستخدمين اكاذيب تنفيريه منه ك(ساحر) و (مجنون) وغيرهما ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) وكذلك اعداء اليمن اليوم يستخدمون نفس الاساليب بتحذير الناس من ان يستمعوا الى اهل اليمن وملازم السيد ومحاضراته وبطولاتهم الاسطورية لنفس الاسباب باننا سنسحرهم وفيها سحر وغيرها من الاساليب والاطروحات المتكررة عبر التاريخ .
وغيرها من بيانات ودلائل تعكس مدى التسجد الواحد بين خير البشر محمد وخير البشرية اهل اليمن فهل جاءت هذه الاحداث دون تدبير إلهي ٫ حاشا الله فهو الحكيم والمدبر للامور جميعها فهم الذين آمنوا بالنبي قبل ولادته ب٣٠٠سنة عندما تحرك ملكهم تبع مع قبائل يمنية عديدة الى يثرب لينصره بعدما سمع عنه في الكتب السماوية السابقة ولما وصل ادرك انه لم يبعث بعد فأمر قبيلتي الاوس والخزرج اليمانيتين بأن يتبواوا الدار (اي يثرب) حتى يبعث محمد فينصرونه وبالفعل كان ذلك ، بل انهم من اول مناصريه في بداية بعثته فجاء اول شهداء الدين يمانيون متمثلين في ياسر العنسي ابو عمار بن ياسر .
– عندما يصف الخالق العظيم قوما ب( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ ) حيث اشتمل الوصف (تبوأ الإيمان والارض المباركة وحب المساندة والمؤازرة للضعفاء والكرم بل لدرجة ايثار الاخر على انفسهم وابناءهم حتى في قمة الحاجة والوضع والظروف ) فهذا يدل دلالة واضحة على ان هؤلاء وما يمتلكونه من نفسية وكأنها انبثقت من نفسية خير البشر محمد وهي كذلك وهؤلاء طالما يرجعون الى اصلهم المحمدي فينصرونه في كل زمان ومكان .
عندما نجد اليوم معاداة شديدة وخبيثة شيطانية لاهل اليمن لا تقل حدة وشدة عن معاداة نبيهم وقدوتهم وحبيبهم محمد صلى الله عليه واله وسلم في ذلك الزمن فهذه دلائل جديدة ومتجددة على قدسية الله وتنزيهه في اطار التسبيح له فأختياره لم يكن عبثا او خاطئا او صدفة او مجاملة فحاشاه فهو الخالق الغني عن العالمين لذا فإحتفاء اهل اليمن اليوم برسول الله ونبيه محمد صلى الله عليه واله وسلم هو احتفاء بذاتهم ونفسيتهم ومسارهم وصراطهم وطريقهم الذي يجدون في بذل دماءهم واعضاء اجسادهم وارواحهم واموالهم وابناءهم وكل غالي عليهم رخيصا جدا فيه وفي حبه والتشبث بمنهجيته لذا لا غرابة في مباهج الفرح والسرور في حالهم في كل ذكرى ميلاده لانه ميلادهم هم فسلام الله على اليمن ارضا وانسانا .
#د_يوسف_الحاضري
Discussion about this post