الكهرباء بين الهندسة والهندرة
لعل الواقع المأساوي الذي وصلت اليه حالة الكهرباء
في سوريا اليوم كما هو حال العراق ولبنان وليبيا
اصبح امرا يفرض نفسه بقوة على طاولة البحث
ويفرض نفسه بقوة على قائمة ترتيب الاولويات
ولعل معظم تبريرات المسؤولين الكهربائيين حقيقية
من الناحية الفنية والهندسية لكنها لاتساوي الحبر الذي
تكتب فيه تلك التبريرات لدي الشعوب
الكهرباء ليست نوع من الرفاهية وليست فقط حق من
حقوق الشعوب
بل هي حاجة من اهم احتياجات الناس في كل
المجتمعات وضرورة من ضروريات الحياة لدى كل
الشعوب
ولعلنا لانبالغ بالقول انها اصبحت تتدخل حتى في
مزاج الشعب وحالته النفسية والانفعالية
لست متخصصا في مجال الكهرباء لاحاجج السيد
وزير الكهرباء السوري في مدى دقة كلامه حول مدة
الستة اشهر التي تحتاجها المحطة الفلانية للصيانة او
احاججه في ملايين الدولارات التي تحتاجها هذه
المحطة او تلك لاجراء الصيانة
ربما من الناحية الهندسية يكون كلامه صحيحا مع
احتمالية وجود نسبه من الكومشنات والاكراميات ضمن
الرقم المرقوم اخذا بما جرت عليه العادة وماتثبته
انكشافات الخفايا بعد رحيل معظم المسؤولين
واخيرها وليس اخرها مبالغ وزارة التربية عن الحقبة
الوزية
بكل الاحوال
لست بصدد الحديث هندسيا
بل اريد طرح مسألة الكهرباء السورية على سبيل
المثال لا الحصر هندريا
لماذا الاصرار على ان السبيل الوحيد للحصول على
الكهرباء هو المحطات الغازية والفيولية ولماذا الاصرار
على عمليات احياء المحطات الميتة
معظم محطات التوليد القائمة تجاوزت العمر الانتاجي
الافتراضي و معظمها قد استهلكت مبالغ صيانة تفوق
قيمتها بعدة اضعاف
هل توقفت عقول مفكري وزارة الكهرباء عند التفكير
فقط بصيانة المحطات القائمة
ام اوقفت عقولهم بقرار انفرادي يمنع على اصحاب
الافكار طرح افكارهم
ان كلام الوزير عن ستة اشهر توقف للمحطة الفلانية
من اجل الصيانة يعني بطبيعة الحال خروج كمية
الكهرباء المنتجة من هذه المحطة من قائمة الخدمة
وان تركيب وانشاء محطة جديدة مكافئة لها من
حيث الطاقة الانتاجية لايتجاوز مدة الصيانة
المفترضة وان قيمة الصيانة باقل التقديرات تكافئ
ربع قيمة انشاء محطة جديدة وباقي القيمة لايتعدا
قيمة الوقود اللازم للمحطة لستة اشهر اخرى بعد
الصيانة
تعالوا نناقش الامر بالتفكير خارج الصندوق
نحن نعيش ازمة وقود نتيجة الحصار
ومصادرنا النفطية بمعظمها خارج السيطرة
وما هي ضمن السيطرة مهددة او طريق نقلها مهدد
لماذا لانفكر بمصادر كهرباء جديدة اكثر امانا واكثر
استقرارا واقل تكلفة واقل تعرضا للمخاطر
سوريا تمتلك طاقات بشرية قادرة ووطنية ومبدعة
حين تتاح لها الفرصة
سوريا تمتلك شاطئ بحري طويل وملائم جدا لانشاء
عنفات موجية ولدينا المصانع الحكومية القادرة فنيا
على انتاج المعدات اللازمة ولدينا ايضا العقول
والسواعد الوطنية القادرة
سوريا تمتلك مساحات واسعة جدا جدا ولاتصلح
للزراعة لكنها مناسبة وملائمة جدا لاحتواء الواح
شمسية او عنفات ريحية لتوليد الكهرباء
وايضا مدة ستة اشهر صيانة المحطة الهرمة تعتبر
مدة كافية لللانجاز الجزئي لمرحلة تعطي انتاج يكافئ
او يزيد عن انتاج المحطة العجوز
اضف لذلك ان الكهرباءات الجديدة هي كهرباء نضيفة
والمحطات الجديدة هي محطات صائمة لاتحتاج
وقود كالمحطات الحالية اي اننا سنوفر ملايين
الدولارات من قيمة الوقود الذي تحتاجه المحطات
الحالية هذا فيما لو كنا نستطيع تأمين كميات الوقود
اصلا في ظل الحصار الحالي الذي لا احد يعلم الى
متى سيستمر
بل اننا سنوفر كميات الوقود المنتجة محليا
لاستخدامات اخرى او للتصدير في وقت نحن في
امس الحاجة لمصادر القطع الاجنبي
ومن منطق الهندرة ايضا
لماذا لاتلزم المصانع والشركات الكبرى ضمن مخططها
الانشائي باحتوائها على محطات توليد تؤمن لها الانشائي باحتوائها على محطات توليد تؤمن لها
اكتفاء طاقي ذاتي شمسي او ريحي مقابل ميزات
حكومية تشجيعية والتزام حكومي بشراء الفائض
الطاقي من هذه الشركات وزجه في الشبكة العامة
المنشآت السياحية لاتقل استهلاكا عن المعامل وايضا
تستنزف كميات هائلة من الطاقة كهرباء وغاز
والزامها بانشاء محطات توليد كهربائية محلية سيوفر
كمية كبيرة من الكهرباء والغاز المنزلي تسترد لصالح
الاستخدام الشعبي
بعض اراء المتفائلين المتخصصين الذين استشرتهم
قالوا ان مدة ثلاث اشهر كافية لانشاء مشاريع محلية
شمسية او ريحية
والاقل تفاؤلا قالوا ستة اشهر
والمتشائمون قالوا تحتاج المحطات الى سنة للانشاء
وبكل الاحوال فان سنة المتشائمين ليست مدة طويله
امام سنوات التخبط والحرمان من الكهرباء وامام
مؤشرات تصريحات الوزير حول ضرورات التوقف
للصيانات المطلوبة
ان كنا تأخرنا في البدأ فهذا يفرض علينا ان نستعجل
في اتخاذ قرار البدأ الان
كل المدن السكنية المحدثة يجب ايجاد خطط دقيقة
لارفاقها بمشاريع توليد الطاقة النضيفة بالاستفادة من الاسطح العالية والمساحات البينية سواء لاستيعاب الواح شمسية او عنفات ريحية
وبطبيعة الحال فان القيمة المضافة على قيمة العقار في هذه المدن والمشاريع لن تشكل عبئا على المشتري قياسا بالقيمة السعرية للعقار المخدم بطاقة كهربائية دائمة بتكلفة منخفضة مدى الحياة
عندما نرفع شعار الامل بالعمل علينا ان نتبناه
وعندما نعاهد القائد على المضي قدما بمبادئه وافكاره علينا ان نكون بحجم المسؤولية
علينا جميعا وعلى مسؤولينا ان يخرجوا رؤوسهم من الصندوق ويخرجوه من رؤوسهم ليتمكنوا من التفكير خارج الصندوق
ان يفكروا بمنهج هندري منفتح ولايقيدوا عقولهم بنمط هندسي تكراري منغلق
نأمل كسوريين ان لا تكشف الايام القادمة مؤامرة كهربائية مسيسة طالتها اذرع دولية كما تتحدث الوقائع عن كهرباء العراق الان
د.دحام الطه
Discussion about this post