# جدل الإنتماء والولاء في الميدان الإجتماعي السياسي #
( الحلقة الأولى )
هذه مقدمة تمهيدية من أصل دراسة سياسية إجتماعية عامة شاملة — على شكل حلقات — ، لما يجري من صراع في ساحة الميدان السياسي في واقع المجتمع العراقي . وفيها سنتناول المعترك الآيدلوجي والصراع العقيدي بين الأحزاب والتشكيلات السياسية ، والغاية التي تكونت من أجلها هذه الأحزاب ، وتنافسها المحموم من أجل التصدي وتحمل مسؤولية قيادة الحياة والمجتمع والإنسان ، ومعرفة درجة صدقها ونواياها ، وما تصبو اليه ، وتتأمل تحقيقه من خلال ممارسة السلطة وقيادة الامة وتدبير أمور وشؤون الشعب العراقي في وطننا الحبيب العراق العظيم الشامخ عزآ وكرامة ، والغني بالخيرات والثروات التي وهبها الله تعالى للإنسان العراقي . وهل أن كل ما يقوم به الحزب أو التشكيل السياسي أو الفرد المنتمي في الحزب ، هو عمل سياسي حقيقي ، أو هناك غاية أخرى في نفسه يقضيها .
الجدل — في الفكر الماركسي — يعني الصراع بين متضادين ، من أجل محو الآخر ، والتسلط في محله .
والجدل — في الفكر الإسلامي — هو تهذيب التنافس على أساس التوازن وتقويمه ، وتقديم الأهم على المهم .
والإنتماء هو الإيمان بالعقيدة ، والإمتثال التام لتطبيق أحكامها وتشريعاتها ، والإلتزام بكل مقرراتها ومفاهيمها ، وما ينبثق عنها من نظام إجتماعي سياسي ، وما فيها من قيم خلقية ، والسير على هدى وإستقامة خطها الرسالي .
والولاء هو التطبيق العملي لغريزة حب الذات المتأصلة في الإنسان .
والولاء يأتي بعد الإنتماء ، ولا يتقدمه .
نريد في هذا المقال أن نبحث تصرف الإنسان الذي يتصدى للمسؤولية ( المسؤول السياسي والحكومي ) ، والأساس الذي يبني عليه تصرفه العملي والخلقي في قيادة الأمة ( المجتمع ) ، ومدى توفيقه بين العقيدة التي يحملها ويؤمن بها ، وبين التطبيق العملي لرسالته في قيادة البلاد والعباد .
هذه الدراسة ستوضح الخطوط العريضة لسياسة كل حزب ، أو تجمع ، أو تيار سياسي في قيادة الأمة في واقعها الحياتي ، وستزيل كل اللبس والتضليل والإنتقاد اللاموضوعي ، الذي من خلاله يتهجم على الطرف الآخر المقابل من دون وعي وفهم ، ولكن لمجرد التحامل والتسقيط والمحاربة من أجل طرده من ساحة العمل السياسي ، والغاءه من الوجود الفعلي في العملية السياسية .
فكل حزب ، أو تيار سياسي له عقيدة يقوم على أساسها ، والتي يؤمن بها كل أفراد ذلك الحزب ، وعلى أساسها ينطلق عملهم الفكري والثقافي والسلوكي في الميدان السياسي الإجتماعي ، ويخوضون الصراع تلو الصراع مع الأحزاب الآخرى في الإنتخابات للفوز بمقاعد أكثر ، وعقد تحالفات مع أحزاب وتشكيلات سياسية أخرى ، من أجل تكوين الكتلة الأكبر في البرلمان ، والتي يحق لها تشكيل الحكومة على أساس تفوقها في عدد المقاعد . وتبقى الأحزاب والتشكيلات السياسية الاخرى معارضة في البرلمان لمراقبة الحكومة ونقدها وتقويم الإنحرافات ، من أجل إستقامة مسيرة قيادة البلاد وإسعاد العباد في حياتهم وواقعهم الإجتماعي .
بطبيعة الحال ، إذا كان حزب أو تشكيل واحد يفوز بتشكيل الحكومة ، فإن برنامجه سيكون أكثر وضوحآ ، وستعرف عقيدته التي يؤمن بها ، وعلى أساسها يعمل ، وهذا ما يسمى بالحزب الحاكم ، لأنه هو وحده الذي يدير دفة قيادة الأمور ، ولذلك هو يتحمل كامل المسؤولية في حالة الإنحراف والفشل وكل التبعات ، وسينال الشكر والتقدير والإحترام وثقة الشعب إذا كانت مسيرة قيادته صالحة ، ومحققة النفع للشعب مع الحفاظ على سيادة وثروات البلد ، وحفظ الكرامات والتمتع بالحرية الإنسانية الحقيقة ، وقيادة السفينة الى شاطيء الأمن والأمان ، وتحقيق السعادة لأفراد المجتمع كافة .
لكن فوز حزب أو تشكيل سياسي واحد في واقعنا الإجتماعي ، وتفرده في الحكم ، وعلى أساس النهج الديمقراطي والإنتخابات الحرة النزيهة صعب جدآ ، وبعيد المنال .
ولكن إذا تشكلت الكتلة الأكبر ، وهي مزيج وخليط من عدة تشكيلات وأحزاب سياسية فائزة في الإنتخابات ، لا أظن أن التوافق على برنامج عام شامل ، تؤمن به هذه الكتل المتجمعة بدرجة واحدة ، أو متساوية ، سيكون سهلآ ميسورآ ؛ ولكن سيكون هناك رضآ الى حد ما ، وبرؤى متقاربة على برنامج سياسي يكون منهاج عمل لهم في قيادة الأمور وتنفيذ المسؤوليات الملقاة على عاتق الجميع .
وهذه النقطة هي التي تشكل العقدة ، ومفرق طريق ، وتكون هي الشماعة التي يعلق عليها — كل حزب وتشكيل سياسي في الكتلة الكبيرة المشكلة للحكومة — إتهامه للآخر والتلكوء الحاصل . وهذه النقطة هي كذلك تشكل حالة ضعف للكتلة الحاكمة ، والتي من خلالها تتعرض الحكومة للنقد والإنتقاد وكيل التهم والإخفاقات ، وما يحدث من إنحرافات وفساد وفشل وتعطيل خدمات ، وما الى ذلك من أمور أخرى في ميدان العمل السياسي ، وفي واقع حياة الشعب العراقي .
حسن المياح – البصرة .
Discussion about this post