*نهضة قوم على قوم…وحرب المياه دولياً*
محمود الخطيب
إن أخطر صراعات العالم تتعلق بالمياه، ومنطقة الشرق الأوسط ليست غنية بها كما أن تكنولوجيا تحلية المياه مكلفة ولا توجد في منطقتنا ثقافة تقنين استخدم المياه، واستثمارها لذا فإن أحد أخطر أدوات الصراع التي تستخدمها إسرائيل وتركيا هي السيطرة على منابع المياه، وهو ما تفعله إسرائيل في إثيوبيا للسيطرة على منابع النيل، فيما تقوم تركيا بالسيطرة على مجرى نهر الفرات بمجموعة سدود اتاتورك وهو ما يؤثر على الأمن القومي لكل من العراق وسوريا نظرا لا نها تتحكم في المياه وفي المواسم الزراعية، وحيث وجد المتحكم الأول، يستطيع أن يفرض هيمنته، وهذا ما تسعى إليه الدول من ان لا تملك جهة واحدة منبع المياه، حيث أن من يملك المياه يملك الزعامة على مر التاريخ، والتاريخ لازال ذلك الموطن، ولكن الصراع يتغير وطريقة الصراع تتغير ما أن تغيب الدولة الرشيدة العادلة والمدبرة لشؤون الناس.
إن بناء السدود أداة ضغط هائل وقد تقود إلى اندلاع حروب، ذلك بناء على ما يعرضه كثير من الباحثين والمفكرين والمتخصصين في هذا المجال بأن العالم سيكون في حالة ازدياد لطلب الماء العذب في عام 2025 م، ونظراً لهيمنة العدو على مثل هذه الثروة والتي طالما تحظى من قبلهم باهتمام كبير وذلك من اجل خلق الصراعات داخل المجتمع العربي.
ومن هذا المنطلق ليس هناك ما يخدم مشروع “التطبيع” أكثر من دول عربية ضعيفة، هشة لا تستطيع حتى الاستفادة من الماء الذي وهبه الله لكل عباده، وانطلاقاً من هذه الفكرة، يدعم العقل الاستراتيجي في الكيان الصهيوني فكرة بناء السد في إثيوبيا، وانطلاقاً منها، تشتعل الحماسة الإسرائيلية.
ان الهدف الذي تطمح “إسرائيل” إلى تحقيقه من بناء السدّ لا يبتعد كثيراً عن الهدف الأميركي من بناء السدود الصغيرة في إثيوبيا في حقبة الحرب الباردة، وإن صراعات المستقبل ستكون مختلفة بعض الشيء، فالخلافات بشأن المياه ومصادرها في العالم ستكون سبب اندلاع الحروب والنزاعات المقبلة وليس النفط، لا سيما في ظل وجود شح بالموارد المائية في كثير من السدود المتنازع عليها حول العالم، وكما هو معروف الماء سر الحياة، فهو سبب رئيسي ممكن أن يتنازع عليه سواء على مستوى الاسرة، الشقة، المنزل، القرية، الدولة، فهو عنصر مهم في الحياة، وينبغي التفكير في إدارته بعناية.
إن نسبة زيادة كثافة السكان، والتغير المناخي، وسرعة الدول لامتلاك مصادر الطاقة، والتوسع في مجال الصناعات، وعشوائية بناء السدود، وتدخل العدو في كل صغيرة وكبيرة، فانها تعرض الأمة للمعاناة “وشح المياه العذبة وعدم الاستفادة في الاقتصاد الزراعي مما يؤدي أن تصبح مياه الشرب كالمعادن النادرة، مثل الثروات الطبيعية الثمينة كالذهب والنفط والألماس، وبسبب هذا النقص ستشعر الشعوب أنها مهددة، وستندلع حروب شح المياه العذبة.
ان امتلاك رغبة لزراعة الأرض والنهضة في البلاد اقتصادياً، لا بد أن تصاحبها رغبة جامحة في بناء السدود وبناء طريقة سليمة للاستفادة منها. العالم يضمحل، وآثار الظمأ بدأت ملامحها، وحرب من اجل الماء لا تختلف عن حروب التاريخ القديم.













Discussion about this post