(أساليب الباطل وأهله في صراعهم ضد الحق)
ما ذكره الله لنا في القران عن طبيعة الصراع بين الحق والباطل وعن النتائج الحتمية لهذا الصراع هو سلاح بل اقوى أسلحة يجب ان يتزود بها حاملوا الحق في صراعهم ضد الباطل فليس الأمر لمجرد القراءة بل لنتلوها والتلاوة يعني الأتباع فالتالي هو اللاحق اي المتابع لمن سبق وكم هو عظيم ان تعرف نهاية ونتيجة الصراع قبل ان تبدا المعركة.
بقلم د.يوسف الحاضري
كاتب وباحث في الشئون الدينية والسياسية
abo_raghad20112@hotmail.com
في بداية الصراع بين الحق والباطل يبدأ الصراع ثقافيا وفكريا ولكن سرعان ما يزهق الباطل امام الحق ويتلاشى كونه أهش من بيت العنكبوت فيلجأ مباشرة إلى تشويه صورة الحق بأكاذيب وبهتان وأيضا يفشل سريعا فيلجأ بعدها سريعا لعامل الإرهاب “الحروب” والتي بطبيعة الحال تفشل في النهاية.
وضح القران الكريم لنا هذه النفسية بعدة جوانب منها بالحديث عن احداث خاصة حصلت ك(قصة فرعون مع موسى عليه السلام وقصة أصحاب القرية التي ارسل الله اليها رسولين وعززهما بثالث) وتحدث ايضا بصفة عامة في كل الأقوام كما تحدث في سورة إبراهيم عن ذلك وغير هذه الأساليب وضحها القرآن كنفسية ثابتة للباطل في هذا الجانب او كسنن من سنن الله الثابتة في نتائج هذا الصراع ما ان توفرت شروط معينة فيمن يحمل الحق كما سنذكر بعض النماذج عن ذلك.
فرعون كان متكبرا ومتعاليا على قومه اولا ثم على بني اسرائيل وكان يستند في هذا الأستعلاء على طرق الإستخفاف بقومه (فأستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين) وأستند على الإرهاب النفسي والجسدي بالقتل والتعذيب لإستعباد بني اسرائيل(قال سنقتل ابناءهم ونستحيي نساءهم وانا فوقهم قاهرون) ومع مرور الايام والسنون يزداد المجتمع جهلا وتدهورا في الثقافة والوعي ويزداد تجبر واستعلاء فرعون حتى وصل الى أن قال لهم (انا ربكم الأعلى) ولم يجد أي معارضة او ممانعة من احد وهنا تفرغ فرعون للبحث عن أي تهديدات قد تعترض طريقه حتى لو كانت مازالت في علم الغيب او مجرد تكهنات كما قام بقتل المواليد الذكور من بني اسرائيل خوفا من خروج طفل يكون نهاية ملكه على يديه كما اخبره بذلك المنجمون ، ولم يدخر جهدا او قوة في هذا العمل ، ومع مرور الزمن عاد موسى الى فرعون نبيا رسولا وهنا بدأت معركة بين الحق والباطل ثقافيا وفكريا (قال فرعون وما رب العالمين) فجاءت ردود موسى قويه وناسفة لباطل فرعون فسارع فرعون للانتقال من الجدال الفكري والثقافي الى تشويه الاشخاص خالقا له بعض التهم الباطلة التي بطبيعة الحال يستخدمها كسلاح يعطى لمن يتبعه لينفروا من الحق او يستخدموها في صراعهم ضد انصار الحق وهذا اسلوب خبيث شيطاني يفلح ولكن لفترة بسيطة وغالبا ما يستخدم الباطل سلاح الاتهام بالسحر لأن الحق بطبيعته اقوى من الباطل وله تاثير قوي على النفوس فيسمون هذا التاثير وهذه القوة ب(السحر) فيسقط فيها ناقصي الوعي واصحاب النفوس الضعيفة والقلوب المريضة (قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم) فتشتد المعركة بين الحق والباطل ولكن صبر وثقة الحق وحامليه ينسف هذه الأساليب المتخذة من الباطل حتى يلجأ الباطل في الاخير الى سلاح الترهيب والقتل والحرب ( قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) فتكون نتيجة الصبر والصمود والتمسك بالحق كارثية على الباطل في الدنيا والاخرة كسنة من سنن الله ففي الدنيا ( وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) وفي نهاية المطاف ( فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ) والنتيجة للحق ( وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِـمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ )
هكذا يوضح الله لنا سنة قوم معينيين وشرح لنا بشكل عام في سورة ابراهبم السنة الشاملة لهذه الامور كالتالي ( أَلَـمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَـمُهُمْ إِلَّا اللهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ) حيث كانت أول ردة فعلهم بالجدال الفكري والثقافي ولكنها هشة وضعيفة تجاه الحق يلجئون للمرحلة الثانية وهي التشكيك في شخص وحقيقة من يحمل الحق ويتحرك به ويدعوا اليه ( قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ) وعندما تضعف حجتهم وتفتضح أساليبهم ويعجزون أمام الحق يلجئون الى التهديد والوعيد والتعذبب والمؤاذاة والحروب والحصار كحالة انتقامية يحملها الباطل ويلجأ اليها ظنا منه انه سينتصر على الحق ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا) وعند هذه المرحلة يصل الأمر الى نهايته حيث يقترب انتصار الحق كون هذا اخر سلاح للباطل ( فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِـمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِم) شريطة أن يكون حاملوا الحق ملتزمين بتوجيهات( اللهْ ذَلِكَ لِـمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ).
وتستمر النفسية تتوارث جيلا بعد جيل حيث يحمل الباطل هذه الأسلحة في وجه الحق حتى وصل الباطل الى زماننا في حربه على الحق خاصة في اليمن وفي محور المقاومة عامة فنراهم كيف استخدموا كل الأسلحة الثقافية والفكرية ثم اسلحة التضليل الأعلامية لتشويه الحق وحامليه ليلجئوا في نهاية فشلهم الى اخر اسلحتهم وهو (العدوان) وهو اخر اوراق الباطل وثقة بالله وبسننه وبما سرده لنا في القرآن لتطميننا ولتعزيز ثقتنا به ستكون نهاية الباطل في عصرنا كما كانت نهايته في كل العصور السابقة ( وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) فسنة الله قائمة قائمة ( اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْـمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلًا ) فعلينا كحاملي حق ومتحركين به ان نؤمن بسنن الله ونتحرك واثقين منه خاصة والباطل وأهله عمي ولا يفقهون هذه السنن كما وضح الله هذا الأمر بقوله ( أَوَلَـمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا)
#د_يوسف_الحاضري
Discussion about this post