خواطر عن والدي سلام الله عليه …
كل فتاة بأبيها معجبة …
أما انا فكيف لا أُعجب بوالدي سلام الله عليهم وأنا منذ عرفت الحياة كنت ألاحظ ان والدي بين الناس في الأسرة او خارجها وبين اي جمع صغير او كبير “نجم” حقيقي ❤️
كأن الناس كلها بلا ألوان ووالدي هو الوحيد الملّون بينهم .
دون اي مبالغة يبدو الجميع “باهتاً” في حضور أبي .
وهب الله والدي سلام الله عليه طاقة عجيبة وحضور آسر كأن هناك مغناطيس يشدّ الجميع اليه وهو يتحدث، وهو يمشي ،وهو ينظر .
كان والدي مختلفاً عن الجميع دائما مميز .
لا يملك الجميع الا الخضوع لسحره او الخوف من غضبه .
نجم لا يمكن لاحدهم ان يتجاهله ويدرك هو هذا فيحسن استخدام كل ملكاته في رفع جودة علاقاته بالجميع .
كان كثيراً ما يستخدم تعبير “أحسست ” بهذا حين يتحدث عن الناس وعلاقاته بهم ولو كان لقائه بالبعض لمرة واحدة.
كانت له نظرة في الناس؛ كثيراً ما تثبت الاحداث انه ع صواب.
بالرغم من انه كان مقتنع منذ بداية شبابه كما يروي لي انه أُحيط برجال الأمن والمخابرات وان كثيراً ممن كانوا حوله كانوا مدفوعين لمراقبته مثلا وربما أسوأ من هذا الا انه تعلم ان يميز حتى بين الجيد والسيئ منهم .
كان محبوباً ومحترماً ومهاباً من والده و والدته واخوته واصدقائه .
أدركت منذ طفولتي المبكرة ان أبي لا يُقاس عليه أحد.
فأصدقائه يتقبلون غضبه بل وكأنهم يدمنون عليه ولا يزيدهم صدق والدي وصراحته وأسلوبه الا تعلقاً وإعجاباً .
أعتقد ان والدي كان يشعر بالاحباط كثيراً لأنه نادراً ما كان يجد من يتناسب مع ذكائه وفهمه وقدراته في الحياة سواءا في الاشخاص او في الوظائف التي أتيحت له .
والدي كان لا يخشى أحد ولا يجامل أحد، معتداً بنفسه حداً كبيراً ولكن دون الكبر .
ومع كل هذا ولأنه لا يشبه أحد عودني ان يأخذ رأيي في كل وأي شيئ منذ طفولتي المبكرة، وان يسمعه باحترام حقيقي دائماً وامام الجميع بينما قد يستخف بكل صراحة وامامي تحديداً برأي أحد اصدقائه مثلا اذا لم يكن الصديق ذكياً او صادقاً بما فيه الكفاية …
حتى اني اتذكر انه ليلة عيد خرجنا وحدنا لأختار له بدلتين ربما او أكثر جعلني اختارها كلها کاملة ” البدلة والقميص والكرافتة ” وحرص ان يلبسها كما اخترتها انا له ….
كنت لا زلت حينها في الصف الثالث ابتدائي .
كان حريصاً ان يخصص ولو دقائق في اليوم للحديث الخاص والعميق معي والنقاش حول كل وأي شيئ منذ طفولتي المبكرة .
أخذته السياسة منا بعد تأسيس حزب الحق وأنشغل لسنوات ، فكان حريصاً ايضاً ان يشغلنا معه بعالمه ويدخلنا معه حرصاً منه وقلقاً علينا من الضياع .
كان يشعر بمسئولية كبيرة لأنه كان يعتقد انني وأخي الأكبر أذكى من نظرائنا- أخي محمد أذكى مني بكثييير – وكان يقلق ان لا نستفيد من هذا الذكاء او ان يكون تأثيره سلبياً خاصة في ظل تأخر النظام التعليمي في بلادنا ووالدي كان متخصص في التربية وعنده ماجستير في تربية الاطفال من بريطانيا .
لم أذكر اخوتي الاحباء هنا “نفيسة وأحمد وسلمى” لأنهم أصغر مني ولأني لم أكن مشاركة لهم في تفاصيل علاقتهم بأبي في تلك الفترة بسبب فارق السن .
كان والدي يحرص ع ان نقرأ وكان يشتري لنا مجلدات الاطفال الموجودة كلها ويحرص ان يتأكد اننا قرأناها.
ثم رفع سقف القراءة لدينا،اشترى لنا سلسلة روايات تاريخية ويتابع ان كنت قرأتها ام لا .
و اتذكر وانا في الصف الرابع الابتدائي مثلا انه كان يترك مقيله احياناً لدقائق ويصطحبني لغرفة نومه ويغلق عليا الباب ويناولني مجلد ألف ليلة وليلة لأقرأه ويقول لي: اقرأي يا سكينة لا تجلسي تتسمعي كلام النسوان .
سلام الله عليك أبي حبيبي وعوضك عن كل ما نالك وجمعني الله بك في جنات النعيم .
منقول من صفحة سكينه حسن زيد
Discussion about this post