بقلم : فاتح خننو
اكاديمي جزائري
يعيش الفضاء العربي تحولات جذرية على مستوى بنياته الأساسية، أفضتها استتباعات تاريخية منذ العهد الكولونيالي مرورا بمراحل بناء الدولة الوطنية التي كانت سمة القرن الماضي وصولا إلى واقع اللحظة الراهنة التي تعرف تمفصلات على مستوى الدولة وتطورات غير مسبوقة تضرب الدولة في مفهومها السوسيولوجي والسياسي- المؤسساتي كما عرفته كلاسيكيات علم السياسة مما طرح إشكاليات كبرى يمكن تفكيكها في النقاط التالية:
النقطة الاولى: إشكالية بناء الدولة، إذ وبمرور حوالي نصف قرن لم يستطع العالم العربي بناء دولة بمفهومها المؤسساتي المعبر عن حالة سياسية واجتماعية، نابعة من خصوصيته ومعبرة عن اللعبة السياسية في عنوانها العريض وهو الديمقراطية كآلية من خلال تفعيل المنطلق الانتخابي وكقيمة من خلال دمج منطق الثقافة السياسية المشبعة بفكر الدولة بالتنشئة السياسية التي تترك بصماتها في العقل السياسي للفرد.
النقطة الثانية: هشاشة المؤسسات السياسية والتحكم البيروقراطي في الحياة السياسية من خلال انتاج اشكال من الخطاب السياسي التي بموجبها يتم هيكلة قواعد اللعبة السياسية ضمن نسق بناء نظام سياسي يعيد انتاج نفسه وفق دساتير التي لا يتم تنزيلها في ارض الواقع ولا يعد كونها سوى نصوص بلا روح.
النقطة الثالثة: البنية المجتمعية والسياسية: تتميز في سياق التصور الانثربولوجي بسيطرة التفكير القبلي والعشائري ودمجها في المخيال والعقل الجمعي للفرد العربي، مما هندس الثقافة السياسة الضحلة التي تركت بصماتها في سياق التنشئة السياسية، ما حد من ظهور الفاعلين الذين بمكانهم تقديم التصور الهادف للتغيير.
النقطة الرابعة: قصور في تصور السياسات العامة، إذ كل السياسات العامة معدومة وصفرية، تتميز بالوقائية بدل العلاجية. كما أن كل السياسات لاتقتحم المواضيع الكبرى المرتبطة بالصحة والسكان والتعليم والطاقة.
النقطة الخامسة: غياب المستلزم التنموي إذ كل الدول العربية تعتمد على الريع دون وجود سياسات حقيقية لبناء اقتصاديات تعطي قيمة مضافة أو البحث عن بدائل خارج نطاق المحروقات مما أضفى طابع الهشاشة على السياسات التنموية التي تهتز كلما انخفضت الجباية البترولية، خصوصا أن غياب التنمية الناجعة والفعالة يؤدي إلى أزمات اجتماعية سرعان ما تتحول إلى أزمات سياسية.
النقطة السادسة: الإرهاب ويعتبر تحديا بنيويا للنظم السياسية ويعتبر الإرهاب، كرسالة عنف عشوائية تضرب المجتمع والدولة على حد سواء مما خلق حالة من الإنهاك ويبدو أن هذه الظاهرة أيضا توظف من قبل البعض لضرب المجتمعات بنيويا من خلال عملية تفكيك ممنهج .
النقطة السابعة: توظيف الدين في السياسة وخلق خطاب تحريضي حاد وعنيف ومحاولة إضفاء طابع التقديس عما هو مقدس من قبل تصورات ضحلة لجماعات إسلامية لا تستطيع أن تجيب عن سؤال ما الدولة؟
النقطة الثامنة: الاستقطاب الاقليمي والدولي،شهد الفضاء العربي أيضا تدخلات إقليمية ودولية غير مسبوقة على سوريا وليبيا واليمن من قبل دول مثل يران وتركيا والعنوان هو الصراع في سياق الشيعة والسنة، بمعنى تلوين السياسة بالبعد الديني وهذا أكبر خطر يهدد منطقة الفضاء العربي والشرق الاوسط برمته، فأصبح الفضاء العربي أسير تصورات إقليمية تتغذى من أجندات دولية.
Discussion about this post