عصفورين بحجر
إبراهيم يحيى الوشلي
في عالم الجريمة والقتلة المأجورين هناك ما يعرف بـ”القاتل المتسلسل”، وهذا الشخص عادة يكون أخطر المجرمين وأكثرهم دقة واحترافية، حيث يقوم بتحديد ضحاياه مسبقاً ثم يتخلص منهم دون أن يترك أثراً وراء كل عملية، ولكن في عالم السياسة والأنظمة العالمية اكتشفنا قاتلاً متسلسلاً هو الأخطر عبر التاريخ، هذا القاتل هو النظام الأمريكي الخبيث، والفارق الزمني القصير بين جريمتي نيوزيلندا وسريلانكا هو ما أثبت هذا، كما أن الإرهاب صناعة أمريكية خالصة باعترافات ساستهم أمثال هيلاري كلينتون وغيرها.
لقد قلنا سابقاً إن الهجمة الإرهابية البشعة على مسجدي نيوزيلندا هي فعل أمريكي من كل الجوانب، ولم نلتقط أنفاسنا من أثر الحديث إلا ونتفاجأ بجريمة جديدة تم تنفيذها في سريلانكا، والأخيرة لا تختلف عن سابقتها إلا من ناحية الشكل فقط، أما القاتل والمخطط والمستفيد فهو ذاته لم يتغير، إلا أن كلتا الضحيتَين لا تملكان الجرأة على نطق اسمه أو توجيه أصابع الاتهام إليه.
فالحكومة النيوزيلندية اكتفت بتحقيقات أولية انتهت بتحديد جنسية القاتل الأسترالي وارتداء الحجاب كنوع من التضامن مع المسلمين الذين سُفكت دماؤهم، أما السريلانكية فقامت بالاستناد على تقارب الجريمتين بتوجيه الاتهام إلى الضحية الأولى، ويستريح القاتل والمفترس الأمريكي مستمتعاً بمشاهدة الصراع الغبي بين ضحاياه، الذي بدأ بتصريحات وزير الدفاع السريلانكي التي تقول إن التفجيرات هي رد نيوزيلندي انتقامي على خلفية هجوم المسجدين، ثم بنفي المتهم ومحاولاته إثبات البراءة.
ولأن القاتل محترف ويعمل بدقة متناهية فسوف نجد عقولاً سطحية برمجها لتقول إنه لا يعقل أن تكون أمريكا هي المسؤول عن تفجيرات سريلانكا، والدليل هو وجود ضحايا في هذه التفجيرات يحملون الجنسية الأمريكية.
ولأنها سطحية فلا غرابة في نسيانها لمسرحية برجي مركز التجارة في 2001، التي ضحى فيها البنتاغون بآلاف الأمريكيين بغية خداع الشعوب العربية والإسلامية وتسهيل استعمارها والسيطرة عليها، وتضحيته بـ30 مواطناً أمريكياً كقرابين لجريمته التي ارتكبها بحق سريلانكا ليست أمراً غريباً، “ولا نستبعد أن هناك من بين الضحايا الأمريكيين أشخاصاً أراد البنتاغون تصفيتهم”، فضرب عصفورين بحجر.
خيوط اللعبة التي تديرها الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد خفية، رغم محاولاتها الخبيثة خلط الأوراق وتزييف الحقائق، ونستذكر هنا الهجوم على صحيفة “شارلي إبدو” الفرنسية مطلع العام 2015م، عندما قامت بنشر صور مسيئة للإسلام خدمة لصانع القرار الأمريكي، ليأتي بعدها بأدواته الإرهابية التي اقتحمت المقر وقامت بإطلاق النار على الموظفين بشكل عشوائي، وبهذا يتمكن من الإساءة للإسلام وإشباع رغبته في سفك الدماء وتلفيق التهمة للمسلمين في آن.
ولا ننسى تلك المسيرة التضامنية عقب الجريمة، والتي حضرها العديد من قادة الدول العربية والأجنبية، مؤكدين بغبائهم مساندة الولايات المتحدة في لعبتها الإرهابية الخبيثة، وهكذا بأسطورة ما يسمى “تنظيم القاعدة” وبقية التنظيمات التكفيرية التي أنجبتها الرحم الأمريكية الخبيثة، يستمر القاتل في ارتكاب جرائمه وتوجيه الاتهامات للناس حسب مصالحه.
والغاية صرف أنظار الشعوب وإشغالها خلف هذه الأحداث بغرض إتاحة الفرصة للكيان الصهيوني ليبتلع بنَفَس عميق ما تبقى من كرامة للأمة الإسلامية تحت عنوان “صفقة القرن”، و”المعتوه ترامب” أراد الذهاب إلى أبعد من ذلك حين توهم أن الجولان السوري أحد أصول شركاته ليمنحها لـ”نتنياهو”، واللبيب من أدرك شراسة هذه المعركة الفاصلة ليضع نفسه في متراس الدفاع المقدس.. حيث يجب أن يكون .
ملتقى الكتاب اليمنيين
Discussion about this post