سند الصيادي
في أي لعبة أو حرب , ثمة مؤشرات واقعية للنصر أو الهزيمة , تتجاوز مفهوم الاحتمالات الذي مهما بلغت براهينه فانها تظل غير قطعية وتظل تتأرجح فيها الخيارات بحسابات التغير المفاجئ في عوامل ومعطيات واداء احد المدخلات او بعضها.
وفي اي لعبة او حرب , قد تكون كل الاحتمالات حاضرة حتى اللحظة الاخيرة ويكون الحكم القطعي فيها مجازفا وعاطفيا , وقد يكون الحاصل خلاف ذلك ويصبح ابقاء كل الاحتمالات مفتوحة امام ما يتضح من حقائق ضربا من الحماقة او الجنون.
وفي الحالة اليمنية الراهنة – الارادة في مواجهة الهيمنة – والجدلية التي ترافقها عمن سينتصر ويغلب في النهاية , لا يؤخذ رأي المقامرون ولا عواطف المتعصبون والحمقى , وانما استقراءات مبنية على اسس علمية , تتجاوز الاحكام المبنية على الفوارق المادية والمقارنة في الادوات, الى ما هو حادث على الارض من توظيف فعلي لهذه الامكانات لدى كل طرف , وهي ليست نظرية فلسفية معقدة لا يفهمها الا الراسخون في العلم , بل ان مفاهيمها باتت واضحة لدى العوام ذوي العقول والقلوب السليمة الغير معتلة, من وحي ما يجود به الواقع من دروس يومية .
لقد حسم الجدل , وانتهت المواجهة نظريا , وبقي ما هو على الارض من مواجهات وما هو على الطاولة من اجندة, ليس لقلب النتيجة وانما تعزيزا لها وزيادة في التأمين والوضوح من الطرف الوطني , ومكابرات يائسة لتقليص هذا الانتصار وابقاءه في خانة المقبول من قبل طرف تحالف العدوان على اليمن , خشية الخروج بفضيحة كبرى , تنعكس تداعياتها ليس على سمعة التحالف المعتدي وحسب ومن وراءه , وانما على وجوده , وكذلك على ارتدادات هذا النصر على مستقبل المنظومة الدولية المهيمنة وموازين استقوائها على شعوب العالم اجمع.
انتصرنا , بكل المعايير النظرية والعلمية , والأرض التي هي رهان الصراع وحلبته تضيق رقعتها تحت اقدام عناصر الهيمنة بكافة مكوناتها البشرية من مرتزقة محليين واقليميين ودوليين , ومكوناتها المادية من سلاح وعتاد ومال ومواقف واسناد , فيما تتسع جغرافية الميدان الذي تتموقع فيه الارادة اليمنية بما تحويه من جيش ولجان ومجتمع وخطوط انتاج عسكري واقتصادي , ومع هذا الاتساع المتصاعد تزداد رئات محاربينا ومجتمعهم اتساعا وطولا في النفس , ومعه تزداد الخطوات الى الامام تسارعا وجرأة.
لقد مثل تأمين حدود صعدة إلى ما بعد حدود العدو واستعادة ما قد كان سلب من على مشارف صنعاء , حتى أطراف الجوف باتساعها وظروفها ، وما كانت تعنيه للعدو من عوامل استقواء , وتساقط الجداريات المتلاحق والمنظم والمتأني والمسيطر عليه باتجاه مركز محافظة مأرب , والانتصارات الاخيرة في البيضاء واستعادة قانية ومصير ما بعدها الحتمي , كل هذه مثلت تعطيل لآخر أدوات الحرب التي كان يستند عليها العدو , وتفعيل مضاف للادوات التي يتحرك من خلالها رجال الارادة اليمنية.
ختاماً : فإن هذا الانتصار الحتمي والقطعي , لم يأتي بمحض الصدفة أو يمكن أن يعزوه المحللون الذين يتابعون المعركة من “مدرجات” العدو – إذا أرادوا الإنصاف- إلى أخطاء العدو وتخبطه وضعف إدارته وحسب , دونما تأمل فيما حدث في الضفة الأخرى من صناعة لهذا النصر من خلال مكائن فولاذية الأركان عناوينها ( الإرادة والقيادة والموقف ) .
Discussion about this post