✍🏻 عبدالملك سام
المكان : ضواحي مدينة القدس
الزمان : فجر يوم الجمعة
التاريخ : شهر رجب ؟؟14 هجرية
من بعيد ، هناك أصوات نداء يعلو ليبدد الصمت الذي أستمر لساعات بعد ليلة أرتفعت فيها أصوات الأشتباكات والتكبيرات والزوامل الحماسية التي سمعها كل من كان في المدينة .. كان أهل القدس يصغون لأصوات التكبيرات تعلو حينا ثم تتجدد الأشتباكات ثم تكبيرات مرة أخرى … وهكذا ، وهناك من كان ينقل الأخبار لهم بين الحين والآخر ، لقد التحمت الجبهات كلها حول القدس فيما عدى الجهة الغربية لأتاحة الفرصة لمن أراد أن يفر نحو البحر فالعودة من حيث أتى ، وكان بعض الغربيين الشقر يفرون من ازقة المدينة تاركين مدرعاتهم التي أتوا فيها للقتال ، وعلى ما يبدو أنها دمرت على أيدي هؤلاء المكبرين الحفاة الذين حاصروا المدينة ..
كانت المدينة محاصرة من ثلاث جهات ، فمن الشمال أتى رجال الشام ومن تحالف معهم ، ومن الجنوب قدم أهل فلسطين مدعومين من فصائل أخرى أنظمت اليهم من دول عربية وإسلامية ، أما الجهة الشرقية فكانت لجيش الأنصار بقيادة قائدهم الذي جمع رجال الجزيرة العربية بعد تحريرها من سيطرة اليهود الذين سيطروا عليها منذ قرن .. وكان الجميع بأنتظار ماذا يقرر قائد جيش الأنصار ، فكل الجبهات تأخرت بسبب مقاومة هؤلاء الأجانب الذين تجمعوا من كل الدول الغربية ، ولكن الجبهة الشرقية تم اختراقها بعد ان قرر قائد الأنصار أن يقوم بنفسه بأقتحامها ، عندها بدأ الانهيار في صفوف قوات الأحتلال ..
كان أبو حمزة يتحدث لرفيقه أبو عبدالله قائلا : لقد كانت فترة عصيبة فعلا حين كنا على تخوم الشام .
فأجابه أبو عبدالله مازحا : لقد كنت اراقب ملامحك عندما أشتدت الأوضاع وتغير لون وجهك .
فضحك أبو حمزة وقال : أما أنا فلم أجدك ، فقد أصبت بالأسهال من الخوف أيها الرعديد ..
فضحكا وهما يتذكران الأحداث ، تم الحصار من قبل الغربيين ومرتزقتهم العرب الذين اشتراهم اليهود بالذهب بعد أن أتحد سكان الجزيرة على قلب رجل واحد ، ولم يتبقى قوة صاروخية لدى جميع الأطراف بعد تدمير كل القواعد الصاروخية ، أما الطيران فقد تعطل بعد أن أصبح هناك توازن مرعب للدفاعات الجوية لدى الجميع ، ناهيك عن ضرب كل المطارات والبارجات القريبة ، والأسلحة غير التقليدية باتت محظورة كونها موجودة لدى الجميع بعد سيطرة المقاومة الفلسطينية على مفاعل “ديمونة” وأنظمته الصاروخية ، كما أن أستخدامها كان يهدد بأن أطرافا دولية أخرى ستسيطر على كل شيء !
قبل شهر تقريبا ، وفي أحدى الليالي أنتشرت أشاعات عن وصول شخص مهم للمعسكر المحاصر ، وقد أرتفعت التكبيرات عندما أنتشر خبر وصول السيد القائد قادما من مكة المكرمة ، وبعد ساعات جاءت أنباء عن وصول “كتائب الموت” كما كان يطلق عليها ، فأنفك الحصار وتقهقر العملاء وفر الغربيون بأتجاه القدس ، ولأيام بدأت تصل سفن الدعم لموانئ فلسطين حاملة المزيد من المرتزقة والأسلحة تمهيدا للمعركة الأكبر !
أنقطعت أفكار أبو حمزة حين ربت أبو عبدالله على كتفه ، وأبتسم الرفيقان لبعضهم ، فقال أبو عبدالله : نحمد الله على تأييده لجنده ، من كان يصدق أننا سنعيش حتى نرى هذا اليوم ؟
فأبتسم أبو حمزة وقال : هناك ذلك الأحمق صديقنا الكاتب الذي كتب يوما قصة عن هذا اليوم .
فتبسم أبو عبدالله وقال : رحمة الله عليه ، لقد نهض عندما سمع عن حصارنا ، وقال لأهله بأنه سيتجه للألتحاق بنا وترك الكتابة ودار النشر خاصته ، لكنه قتل في الطريق بكمين غادر .
فأبتسم أبو حمزة وقال : نعم ، لقد جاهد بقلمه ، لكنه لم يكن مقتنعا بأنه يجاهد فعلا مالم يحمل بندقيته ، بل وكان يتوعد بأنه سيدفني أولا ..
ضحك الأثنان ، ثم أن أبو عبدالله قال مستدركا : ترى لماذا أمر السيد أن نتأخر وجعل القيادة للغزيين ؟
فأجاب ابو حمزة : لأن أهل مكه أدرى بشعابها أولا ، وثانيا لكي لا يشعر أخوتنا بأننا جئنا لمغنم ويشعروا بأخوتنا وإيثارنا لهم ، فالفضل لله اولا وأخيرا .
فقال أبو عبدالله : معك حق ، ثم أن معنا مهمة مطاردة من لم يقبل الأستسلام ، فالأخبار تؤكد أن بعض الغربيين طلبوا التفاوض للأنسحاب ، وهناك من أسلم بعد رؤيته لمعاملتنا الحسنة مع الأسرى .
عند الظهيرة صدر الأمر ، وعلا الأذان كل مساجد المدينة القديمة ، وحتى الكنائس دقت أجراسها غبطة بهذا النصر الألهي ، وعلا هدير الآليات التي توغلت بين المنازل وهي تحمل رايات الحق ، أما اهل القدس فخرجوا فرحين وهم يرددون نشيد “طلع البدر علينا” متجهين لأول مرة نحو المسجد الأقصى لإقامة الصلاة دون تفتيش أو منع من جنود الاحتلال ، وهتفت الحناجر بالتكبير وبشعار الحق الذي تحقق .. ومن أذاعة المدينة صدحت الزوامل والأناشيد الحماسية ، وجاء صوت المذيع المتهدج وهو يقول : بسم الله ناصر المستضعفين قاهر الجبارين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آل بيته الطاهرين ، بيان رقم واحد …
– [أنتهت] –
🗝 https://telegram.me/abdullmalek_sam
Discussion about this post