بقلم ناجي امهز
بالأمس دعاني احد النافذين السياسيين الى مأدبة غدا ، وبينما كنا نتشارك نفس الطعام اللذيذ كنا مختلفين تماما بنظرتنا إلى الأمور السياسية وأولياتها فهو من موقعه يريد ويريد وانا من موقعي أدعو الله ان يفعل ما يريد ، ولكن كانت فكرة ان أعارضه بنظرة معينة تاركا له مجال طرح تصوره لها ، هي فرصة لي لأتناول وجبة غدائي بشهية دون لفت انتباهه .
وقد تناولنا خلال وجبة الغداء العديد من الأصناف ومع كل صنف من الطعام كن هناك موضوع مختلف بالسياسة ، وكان يصغي الى باهتمام بالغ عندما اعلق على امر او اشرح من وجهة نظري امر معين فانا معروف بالأوساط السياسية بدهائي السياسي .
وكي لا أطيل عليكم، أريد ان أضحككم كما أضحكت صاحبنا النافذ حين تناول موضوع النفط في لبنان فما كان مني الا ان أخبرته هذه القصة التي اخزنها بذاكرتي مثل العديد من النوادر العربية امثال بهلول وابو النواس ونجيب حنكش وغيرهم والتي احفظها لهكذا مناسبات كما احفظ اسمي ( على فكرة انا نسيت اسمي(
جميعا نعرف موضوع النفط في لبنان وتلك الابار التي نسمع عنها في الاعلام كما سمعنا وقرانا وشاهدنا قصة الف ليلة وليلة وكيف سيغر النفط من واقعنا المقرف المذري ويحولنا بين ليلة وضحاها من فقراء الى امراء، مع احلام تبدا بنقل حاشيتنا بالطائرات الخاصة الى احد الفنادق التي نحجز احد اجنحتها ، مرورا بشراء احد الكلاسين بملايين الدولارات إسوة بمن سبقونا من الذين ظهرت عليهم نعم هذا النفط عليه السلام .
وللمفارقة سوف امرر هذه الحقيقة عن تاثير نظريات النفط على شعبنا اللبناني المحترق دين دينه من الفقر وغلاء المعيشة مع ارقام مهولة للدين العام ومعدل ارتفاع البطالة بين المواطنين باعداد لا تجدها الا بالمقابر ،
قلت لمضيفي النافذ سيدي العزيز ان موضوع النفط في لبنان شبيه بامرين الاول ينطبق عليه قول ماركس النفط افيون الشعوب والثاني قول الفيلسوف سالم الجسر ، ملاحظة سيدي انا مؤمن بالله وان الاديان هي لانقاذ البشية ولكن هناك من استغلها لمصالحه الشخصية والسياسية.
فاظهر الاستعجاب والاستغراب من اين هذه النظرية ؟ وشعرت كانه يقول بداخله يا ضيعان الوقت والغدا ، وتداركت الامر مسرعا كي لا يعتقد باني مجنون ، يا سيدي قول ماركس ان الدين أفيون الشعوب هو قول ينطلق بان الدين له تاثير المخدر على عقول الشعوب كما اليوم للنفط تأثيرا على عقول الشعب اللبناني فالدين يمنحنا الشعور بالسعادة والرضا رغم ظلم الحكام وتعاسة الحياة مطمئنين بان الله سوف يعوضنا عن كل هذا العذاب والظلم بجنات النعيم اي في العالم الاخر وايضا حديث الساسة في لبنان عن النفط هو شبيه بهذا القول رغم فقرنا وتعترنا فثرواتهم تزداد ، وبينما تصغر منازلنا تكبر قصورهم وتنمو اعمالهم وتزدهر شركاتهم التي لا ندري ماذا تنتج ليكسبوا كل هذه الاموال ، نحن نعيش في الظلمات وعطش الصحراء وهم يمتلكون كل مقومات النعيم ، لذلك شبهت لحضرتكم موضوع النفط بقول ماركس فاعجبه قولي واكرمني بكيس النقود لما راه من فطنة وذكاء
( يحرق ديك المسلسلات التاريخية العربية شو بتاثر بالعقل )
وقاطع حلم كيس النقود سؤال لم اعتقد بانه سوف يساله وماذا قال البروفيسور سالم الجسر ، فابتسمت ابتسامة المنتصر .
سيدي سالم الجسر هو صحافي ظريف الظل بعضلات مفتولة وطول فارع وقد كتب في مذكراته حول تنقله في بعض العواصم الغربية ومما اذكره هذه القصة التي كتبها عن امير الابار
كتب يقول كنت جالسا في مقهى دار السلام تجاه دار الاوبرا في باريس منتظرا كعادتي فريسة جميلة ارمي عليها (خبرياتي البطولية ) فسمعت شابين يتحدثان عن حفل تقيمه احد السيدات اللبنانيات في دار الاوبرا للصحافيين ورجال الاعمال مرددا احد الشباب عبارة ان العرب يبذرون بطريقة غريبة عجيبة فهم لا يتعبون بتحصيل المال فما كان من الشاب الثاني الا ان قال انه البترول اللبناني وما ان سمع سالم الجسر هذا القول حتى قام منتصبا مسرعا مهرولا وهو يقول بنفسه كنت احب ان افهم هذا الفيلسوف المتشدق ان البترول في لبنان لم يكتشفوه الا في بورصة بيروت ولكن لماذا اضيع الوقت انها فرصة غداء جيدة وما ان وصل دار الاوبرا حتى ساله احد المستقبلين على الباب من حضرتك فاجابه دون تردد ملك الابار وهو يقول بنفسه هذا الامر يجنبني السؤال عن كرت الدعوة فاذا بالذي على الباب يصيح انه ملك البار فاستغرب سالم الجسر كيف عرف اني ملك البارات والتسكع بالحانات ولكنه ادرك بان كلمة ابار تلفظ بار فاصبح ملك البار بدل الابار ، فالتفت الجميع اليه فما كان منه الا ان صوب الجملة قائلا عذرا لقد اخطأ فانا ملك ابار النفط واذا بالجميع يلتفون حوله هذا الذي يقدم له الكرت الخاص وذاك يساله عن رقم هاتفه او يحاول اخذ موعدا مع جلالته ناهيك عن السيدات اللواتي يلتهمنه بنظراتهن وهو ينظر اليهم بازدراء قبل ان تكشف حيلته وتضيع عليه وجبة الغداء المرصوفة امامه وبينما يملئ صحنه من ما لذ وطاب تقدمت منه سيدة جميلة بعيون زرقاء وشعر اشقر وخصر ميال فاذا به يفتح فاهه وينسى طعامه وما ان حدثته حتى شعر بانه يذوب حبا ويهيم عشقا قائلا بنفسه هذه التي ابحث عنها وما هي الا لحظات من الحديث حتى قال لها اريد ان اعزمك على وقبل ان يكمل جملته اجابت انها موافقة على تلبية هذه الدعوة الكريمة ، فقال في نفسه لا يعقل ان اكذب على كل هذا الجمال وان ابدا قصة حب بكذبة كبيرة فاخبرها عن نفسه بانه ليس ملكا ولا اميرا وبانه صحفي وهو لا يملك غير ثلاث حنفيات واحدة للماء البارد والثانية للماء الساخن والثالثة لمياه الشفة فما كان منها الا رحلت باسرع من قدومها وذهبت الى احدى السيدات وهمست باذنها وفجاءة تغير المشهد ، فما كان من صاحبنا سالم الجسر الا ان شمع الخيط مسرعا بالخروج قبل ان يصبح مضحكة للجميع وهو يقول بنفسه يا ليتني صمتت وتغديت
وهذا حالنا يا سيدي مع قصة النفط اللبناني الذي لم ولن نشاهده اونسمع عنه الا في الاعلام والبورصة، وكل ما يشاع ليس الا وهم لخداع الشعب اللبناني وجعله ينتظر ويتحمل مالت اليه الامور من فقر وتعتير ، وللحقيقة نحنا علقنا بهذه الصنارة وحتى ان كان موضوع النفط حقيقة هل يسد الدين العام او يصلنا منه الا تلوث دخانه او حتى نستفيد منه فان اخراجه وكما يقال يحتاج اقله الى عشرة اعوام وليتفقوا على المحاصصة عشرة اخرى، ومع هذا الزمن نكون كما حصل مع المعلم الذي يريد ان يعلم الحمار القراءة والكتابة .
يا بموت هو يا بموت الحمار يا بموت صاحب الحمار .
مع تحيات ناجي امهز
Discussion about this post