بقلم/ نبيل بن جبل
لو : أداة شرط ، و هنا توحي بالتحسر ، و تمني يخاطب به الإنسان نفسه ؛ ” لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ” ، تحسر ما عاد ينفع فقد فات و تجاوز فرصته ،،
نعم : فالسمع رسول العقل و حاسة السمع المسؤول هي أقوى عوامل التفاعل التي تصل للعقل الذي يتفاعل بدوره مع هدى الله.. السمع والإصغاء نتيجته التفهم وكذلك التعقل والوعي والتفاعل الإيجابي مع توجيهات الله ، و لو فعلنا السمع و العقل الذي ورد في آيات أخر بلفظ : الفؤاد ما كنا من أصحاب السعير
هكذا يخاطب المجرمون أنفسهم وبعضهم البعض يوم القيامة : لو كنا في الدنيا نعقل ونسمع لما أصبحنا من أهل النار ، وهذا ما يجب أن يحسب له الانسان ألف حساب من الآن ..
يجب أن نتعامل مع هدى الله مع محاضرات السيد القائد بروحية من يبحث عن الهداية ونفكر بالعقل والمنطق ونراجع أنفسنا ونحاسبها على ما فرطت في جنب الله فهو يتلو علينا آيات الله البينات ويوضح معناها ؛ لأنه حريص علينا لكي نسير على هدى الله بالطريقة الصحيحة ، ونحيا حياة أبدية خالدة سعيدة ولا نكون ممن أعرض عن هدى الله وذكره فنخسر ونضيع ما به عزنا وفلاحنا من نفوسنا
إن أصحاب السعير ما كانوا ذوي عقول مستبصرة لأنهم ما سمعوا وما تعقلوا وما تفهموا ولا تدبروا ، و لا سعوا فيما فيه عزهم ونجاتهم وصلاحهم وفلاحهم وسعادتهم الأبدية الخالدة ولو أنهم عقلوا وسعوا في طريق الحق والآيات واضحات تتجلى أمامهم لنأوا بأنفسهم عن مواطن الحسرات والندم الشديد والضنك والبكاء يوم القيامة ولنجوا من مهاوي المذلات والمهالك لكنهم قصروا وفرطوا وأطاعوا الشيطان فحق عليهم العذاب ،
أما المؤمنون المتقون فقد فهموا معنى الدين ومسؤولياتهم هنا في الحياة الدنيا وظنوا أنهم ملاقو حسابهم فما قصروا ولا فرطوا ولا توانوا ولا تهاونوا ولا تقاعسوا ولا استكبروا فكرمهم الله بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ؛ لأنهم استجابوا لله في إطار مرسوم، وطريقة معتمدة وصحيحة .. عرفوا الغاية من وجودهم في الحياة الدنيا وهي خلافة الله في أرضه ، ونصرة دينه ، ومواجهة أعداء الله ، ووقفوا عند عين الحقيقة واستشرفوا أنوار الحق ، و وثقوا صلتهم بحقيقته التي طبعت في كتاب الله الكريم فراقبوا أنفسهم وجاهدوها فكانت كل تحركاتهم وتطلعاتهم قرآنية نبيلة ترضي الله ، وغايتهم العلياء جنته والعمل على اجتناب معاصيه فأصبحوا واضحي الرؤية، ثابتي الجنان، راسخي الأقدام، يقفون شامخين كالطود في وجوه الأعداء ، ولا يخضعون إلا لله وحده لا سواه ..ﻻ تعنيهم ملذات الدنيا ، ولا يفكرون في مغرياتها ، ولا يهمهم وﻻ يشغل بالهم سوى الطاعات وما يرضي الله لأنهم عرفوا أنهم إليه راجعون .
انطلقوا هنا في الدنيا في سبيل الله بدافع المسؤولية والخوف من الله على مصيرهم إن قصروا ، وأعقل الناس من شغلتهم الآخرة بحسابها وأرقتهم النيران بعذاباتها ، وأذهلهم طول المحشر ، وأزعجهم دقة المحاسب مع كثرة الزﻻت ، وقض مضاجعهم انصراف النصير ، وخلو ظهورهم من المجير في ذلك اليوم العصيب والشديد يوم : “يقوم الناس لرب العالمين” ” يوم ﻻ ينفع مال وﻻ بنون إﻻ من أتى الله بقلب سليم”
نعم : أعقل الناس من اتعظوا بأنفسهم فاقتنصوا الفرصة ، وابتعدوا عن المعصية وسعوا إلى الحياة السعيدة الرابحة ، وفروا من عذاب الله ..
أعقل الناس من فروا ونأوا، وأعرضوا بجانبهم بعيدا عن مواطن الحسرات يوم القيامة ومواضع الشبهات ، وثبتوا في سوق التجارة الرابحة والأعمال الصالحة يطلبون الرضوان في ساحات الحق ، ويقارعون الأعداء ويتحملون منغصات الدنيا ليستجيروا من النيران يوم الحساب فقرار الإنسان فيما يتعلق بمصيره في هذه الحياة و تلك إنما هو تحديد للطريقة التي يفكر بها وللمنطق الذي يسير وفقه وللأسلوب الذي يحب أن يعيش به ، وماذكر الله تلك الأهوال التي ستحدث للفاسقين والمفرطين والمقصرين ، وما ذكر ذلك النعيم الذي سيتنعم به المتقون في جنات النعيم إلا تصوير دقيق للإنسان ليفكر ويتدبر و يختار مصيره بنفسه ، والإنسان هو الذي سيتحمل مسؤولية أعماله وتبعاته يوم القيامة ويومئذ الميزان عدل “ولا تظلمون فتيلا ” ،
- نسأل من الله ( تعالى ) أن نكون ممن يسمع الهدى فيهتدي ؛ فالفرصة سانحة والمجال مفتوح أمام الجميع قبل الحسرة والندامة يوم لا ينفع الندم .. هنا في الدنيا يمكن للإنسان أن يصحح وضعه مع الله ، و يوطد علاقته مع هدى الله قبل أن تفوت الفرصة وتقوم القيامة .
Discussion about this post