#صفحاتُ الصماد
كتبت/ فاطمة حسين
في كل مرة أحاول أن أمسك بيراعي وأكتب عن ذاك الرجل الأسطوري , ولكن دائماً تخونُني الكمات ويخونني التعبير , وأقف عاجزةً تماماً عن الكتابة كلما حدثتني نفسي بالكتابة عنه , فأي كلماتٍ وأي سطور ستوفيه حقه , ولكن نقول علّنا نجد في هذه الكلمات ما يطفأ نار فراق أبِ الشعب , ونسكب على جراح فقده بكلماتنا من ينبوع الصمود الذي سقانا منه ..
فعندما نأتي لنقلب صفحات الصماد سنجد أنفسنا حائرين مذهولين , فيا ترى من أين نبدأ بالحديث والحديثُ طويل , هل عن رجل الصماد كرجل الرئاسة والسياسة , ذاك الذي لم يُغرِه منصبٍ ولا مال , وقال : يا دنيا غرّي غيري , فأنا لست برجل منصبٍ ولا مال , فحياتي ومماتي سخرتها كلها لله , وخدمةً ودفاعاً لشعبي ووطني , فقد عاهدتهم أن أكون لهم مرؤوساً يحمل همومهم وأوجاعهم لا رئيساً يظلمهم ويأكل حقوقهم , وكان لهم كذلك حقاً ..
وعن الصفحة الأخرى كرجلٍ للدين والثقافة , ذاك العالم العابد الزاهد الذي ترك ملذات الدنيا رغم أنّها كانت كلها بيديه , وغيره أمسكها بكلتا يديه , ولكنّه رفض غير طريق الله , وغير طريق الحق والعدل , فإن لم يعطي مما لديه لم يأخذ شيئاً من حقوق الشعب كما فعل غيره , وإلى جانب الدين نهل من معين الثقافة والأدب غرق في بحرها وصال غمارها , فقد كانت أحرفه سيفاً حاداً يقطع الأعداء , حيثُ كان للشعر قائداً , وللأدب أميراً , يخوض الثقافة والعلم بكل أنواعهم , فكان بحق رجلاً أهلاً لأن يكون في المنصب الذي ولاه شعبه ..
أما عن صفحة الشجاعة فهو الأسد الذي خاض المعارك , وصال غمارها , لم يهاب الموت ولم يأبه به , فقد كان ذاك الليثُ الذي خاض أشرس الحروب وأشنعها في حروبٍ ست حتى صار كابوساً للعدو , وعندما بدأ عدوان الشيطان وصار رئيساً على شعبه , لم يقل بإنّه في منصبٍ لا يجوز إن يذهب إلى ساح المعركة , بل كان ينزل إلى مجاهديه ويقول : (( إنّ مسح نعال المجاهدين أشرف من مناصب الدنيا )) …
فأي صفحاتٍ نبدأ بتقليبها وأي سطورٍ نبحثُ عن صمادنا فيها , فلو قلبت صفحات الكتب لوجدتها صماداً ولو بحثت عن الصماد لوجدته صفحاتٍ من كُتُب , فلم يرحل الصماد عنّا وإنما أحيا فينا ألف صماد , وبمشروعه (( يدٌ تبني ويدٌ تحمي )) بنى فينا العزة والكرامة والصمود , فسلامٌ على الصماد يوم ولد ويوم استُشهد ويوم يُبعثُ حياً عند رب العالمين …
Discussion about this post