من العجيب أنه قام لبني إسرائيل بعد العملية هذه ـ لاحظ كيف قليل من قليل من قليل ممن كانوا ثابتين، وفي سبيل الله، وقيادة سبيل الله ، لا بد أن تكون قيادة سبيل الله مساوية لهذا العنوان الكبير، تكون مساوية لهذا العنوان الكبير، أعني: قيادة اصطفاها الله، قيادة مصطفاة من جهة الله ـ بعد هذه ينتهي جالوت ودولته بكلها. وتقوم لبني إسرائيل أهم مملكة في تاريخهم بسبب هؤلاء العدد القليل. ألم يقل الله عن داود:{وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ}(البقرة: من الآية251)؟ وملك بشكل واسع .
الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي سلام الله عليه (ملزمة الدرس العاشر من دروس رمضان – سورة البقرة)
بقلم د.يوسف الحاضري
كاتب وناشط في الشئون الدينية والسياسية
abo_raghad20112@hotmail.com
رأينا كيف أستطاع طالوت بجنوده القليل جدا عدة وعتادا أن ينتصر على جالوت بجنوده الكثير جدا عدة وعتادا وسنن الله في ذلك ، وكيف كان لعدد من الثقافيين الواعيين في جيش طالوت دورا كبيرا في تثبيت الجيش (قال الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم) وكان من ضمن هؤلاء الثقافيين شاب مؤمن بالله إيمانا عظيما يدعى “داوود” والذي كان فقره الشديد مانعا له من أن يمتلك حتى سيفا يقاتل به فصنع له قوسا خاصا برمي الأحجار لمسافات بعيده وبقوة مؤثرة ، فأنبرى لقتال جالوت كما أنبرى الإمام علي لقتال عمرو بن ود في غزوة الأحزاب وكانت النتيجة في الأمرين متشابهة ، فكانت بداية لتمكين وملك بني اسرائيل وأيضا كان بداية لتمكين الإسلام ، وهذا دليل إضافي بأن الإمام علي هو من سيخلف النبي محمد صلوات الله عليه وعلى اله كما خلف داوود طالوت ، فالطرح القرآني يكون بأسلوب السنن للبشرية وقوانين من خلال ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) فمن قصة طالوت نستشف العبر وتوضيح ما يحدث في عهد النبي (تصديق الذي بين يديه) وتفصيلا لكل الامور ومنها الولاية والذي فيه الهداية والرحمة للمؤمنين إن آمنوا بهذه السنن ، والعكس أن تجاهلوها وابتعدوا عنها ، لذا كان ما قام به داوود من تحرك ورباطة جأش وقوة وثبات أمام أقوى الملوك جالوت جالبا له الملك ثم النبوة ( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللهُ الْـمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ) لاحظوا كيف لخص الله جل وعلا كل ما حدث في المعركة بكاملها في فكرة واحدة وقضية واحدة وهي (قتل داوود جالوت) بل أنه ذكر هذا الأمر بعد أن ذكر النتيجة النهائية للمعركة (فهزموهم بإذن الله) ثم قال (وقتل داوود جالوت) رغم انه كان يكفي أن يذكر النتيجة النهائية للمعركة لو كان الأمر فقط يختص بإنتصار الحق على الباطل ، ولكن الأمر أوسع وأشمل من ذلك وهي أمر (الولاية) والأختيار الرباني لذا خصص امرا (وقتل داوود جالوت) بعد الشمولية التي ذكرها (فهزموهم بإذن الله) ، حيث ذكر الله هذا التخصيص في نفس الآية وهي أمر الخلافة والولاية والقيادة ولمن تكون (وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء) ولم يذكر هنا نبوة بل ذكر قيادة وولاية وإدارة وحكم ، فالنبوة ذكرت في آيات اخرى ومواضيع اخرى ، لأن الهدف هنا توضيح وتبيين للناس سنة من سننه وهي أمر الولاية ومواصفات من سيكون الولي ولمن تعود الأمور وهي نفس الصفات التي أمتلكها الإمام علي عليه السلام في مواضيع عديدة لعل اهمها (قتله لرأس الشرك عمرو بن ود وقتله لرأس اليهود زعيم يهود خيبر “مرحب ” )بجانب العلم والحكمة التي آتاه الله وتعليمه له مما يشاء .
– هكذا كانت بداية نبي الله داوود عليه السلام ، وبداية ملك بني اسرائيل ومملكتهم الكبرى والذي يتأمل للأمر سيجد أنها تأسست وبدأت على يد (فئة قليلة) ضعيفة مستضعفة لم تكن تمتلك العدة والعتاد الذي يضعه الكثير مقياسا للنصر ثم لتأسيس مملكة ما ؛ وهذه سنة أخرى من سنن الله لنا تشرح لنا شرحا كاملا ووشاملا بأن التمكين في الأرض يحتاج فقط (الإرتباط بالله حق الإرتباط) ثم (التحرك فيه بثقة مطلقة) ثم (الصبر والثبات) وبعدها سيهيأ الله للناس أمورا لم تخطر ببالهم اطلاقا ، فهل كان يخطر ببال داوود مثلا بعد الفقر الذي كان يعيشه انه سيحكم الارض كاملة وسيكون أول ملوك بني اسرائيل العظماء !! وكذلك القضية لبني اسرائيل الآخرين الذين تبثوا وتحركوا بإيمان وصبر فكان على يد هذه الفئة القليلة كل النصر والتمكين والخير ، وفي اليمن تتكرر نفس السنة وتظهر للعيان تشكل مملكة الخير والرحمة للعالمين أجمع بتأييد من الله كبير وعظيم وشامل وهذا من فضل الله على الناس الذي لا يترك الأرض لتفسد كاملة فيدفع الشر المتمكن بالخير العظيم ، فشر الأرض الحالي لن يدفعه الا خير أهل اليمن وقيادته العظيمة المتمثلة في السيد القائد عبدالملك الحوثي سلام الله عليه ومسيرته القرآنية وفقا لسنن الله والتي منها ما ذكر في نهاية نفس الآية التي نتكلم عنها بقوله تعالى ( وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَـمِين) مما يعني أن هذه الآية سن الله فيها َثلاث سنن عظيمة ، فنتيجة تمكين داوود للعالمين وكذلك سيكون نتيجة تمكين السيد عبدالملك الحوثي للعالمين (ولكن اللع ذو فضل على العالمين)..
تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق ، فمن اراد أن يؤمن بها فليؤمن ولكن ليكون ايمانه بيقة مطلقة وكاملة دون أدنى إهتزاز او ترنح او تشكيك أو تنقيص أو تقلب ذات اليمين وذات الشمال ، ومن اراد ان يكفر بها فهذا شأنه فكفره لن يضر الا نفسه اما ان كفره سيغير واقعا سيحدث بإذن وفضل الله فهذا أكبر من أن نضعه في مقاييس ونتائج كفر هذا او ذلك .
وهكذا بدأت مملكة بني اسرائيل بأول ملوكهم والذي أصبح بعد ذلك نبيا لهم ، وبدأ عصر جديد بقيادة داوود عليه السلام ، وفي هذا الأمر وضح الله لنا بعضا من صفات من يجب ان يكون وليا وحاكما ولعل أهمها (ان يكون ممتلكا للحكمة التي تأتي نتيجة الإحسان والعمل في سبيل الله ) ، وأن يكون يكون عالما علما ربانيا بسنن الله وقوانينه والتي تحتوي على كل العلوم الإنسانية كالسياسة والأقتصاد والعكسرية والفكرية والمجتمعية وغيرها ، وأن يكون ايضا قويا في البنية والفكر والإدارة (وأذكر عبدنا داوود ذا الأيدي إنه أواب) وغيرها من مقومات الحكم والولاية التي تستجلب اختيار الله للإنسان .
استمر داوود عليه السلام في تأسيس الملك العظيم للحق وأهل الحق بإطار وأسس قويمة وقوية وجذور متجذرة في الأرض وأعماق الأرض ، لأن الأنبياء والأولياء لهم اهدافا ونظرة للحكم غير الذي يمتلكه غيرهم من الخالدين إلى الأرض ، فنظرتهم نظرة بناء للانسان وتزكيته والرقي به وفيه وبناء الأرض كما يريد الله وفق سننه ، اما الاخرون فهم يبنون حكمهم على أسس تخليدهم في الكرسي ثم تخليد ابناءهم وفقا لسنن الشياطين وهذا على حساب إهلاك الحرث والنسل (تدمير الأرض والإنسان) حتى وإن رأينا هناك تطورا تكنلوجيا وبنايات عملاقة ولكن كل ذلك على حساب تدمير اخلاقيات وإنسانية وفطرة الإنسان وهذا ما نجده اليوم في الحضارة الأوروبية والأمريكية الخالية تماما من الإنسانية والمشوه فيها تمام التشوية الفطرة البشرية !!
سنتكلم ان شاء الله في طرح قادم عن بعض التفاصيل في حياة داوود عليه السلام وفقا لما قصه لنا القرآن معتبرين بما فيها من عبر وآيات .
لمتابعة السلسلة كاملة على الرابط
telegram.me/goodislam
#د_يوسف_الحاضري
Discussion about this post