حمزة أبو شنب
فجَّر زعيم حركة “أنصار الله” في اليمن، عبد الملك الحوثي، قنبلةً في وجه المملكة العربية السعودية، بطرح مبادرة تبادل تنصّ على الإفراج عن طيار سعودي و4 جنود، مقابل الإفراج عن كل المعتقلين الفلسطينيين من أبناء حركة المقاومة الإسلامية حماس ومؤيديها، القابعين في السجون السعودية منذ أكثر من عام ونيِّف.
قضية المعتقلين الفلسطينيين في السجون السعودية هي من القضايا التي يتضح فيها سلوك السعودية في محاربة المقاومة الفلسطينية وتشديد الخناق عليها، باعتقال العشرات من أفرادها، متجاوزةً الأعراف والقيم كافة، عبر اعتقالها ممثل حماس الرسمي والمنسّق مع الأجهزة السعودية، في خطوة تؤكد مضي النظام السعودي في خطواته تجاه محاربة المقاومة والتقرب من العدو الصهيوني.
يأتي ذلك على الرغم من أن المعتقلين لم يرتكبوا أي مخالفة تمسّ الأمن السعودي، ولم يسجلوا تجاوزات متعلقة بشروط الإقامة، ولم يعملوا على تنظيم أي من التظاهرات الشعبية، بل على العكس تماماً، جلّ المعتقلين ملتزمون بالأنظمة والقوانين، والبعض منهم يعيش في السعودية منذ ما يقارب 3 عقود وأكثر، ولم يكن سراً انتماؤهم إلى حركة حماس، لأن عدداً منهم كان قد تولى مسؤولية مكتب الاتصال بين السعودية وحركة حماس، وإنما تم اعتقالهم بتهمة واحدة فقط، هي جمع التبرعات للمقاومة الفلسطينية ودعمها.
من هنا، جاءت مبادرة زعيم “أنصار الله” عبد الملك الحوثي، لتحقق جملة من الأهداف، على رأسها وحدة الحال في محور المقاومة والمساندة للمقاومة الفلسطينية، وهي رسالة بأن مساندة فلسطين من الأولويات الأولى لـ “أنصار الله”.
كما عملت المبادرة على إحياء ملف أبناء المقاومة في السجون السعودية، بعد أن تجاهل النظام الحاكم في المملكة كل المطالبات بالإفراج عنهم. كذلك، إن المبادرة حقّقت مركزية قضية فلسطين كقضية جامعة لكل المقاومين في المنطقة العربية.
لقد نجح زعيم “أنصار الله” في وضع السعودية في زاويةٍ حرجةٍ جداً، سواء استجابت له أو لم تستجب، فخياراتها ضيقة، وهي ليست عملية التبادل الأولى بينهم على مدار السنوات الخمس الماضية.
ثمة سيناريوهات عدة أمام السعودية تجاه المبادرة اليمنية:
السيناريو الأول هو قبول المبادرة والإفراج عن الفلسطينيين، وهو خيار صعب على صورة المملكة في ما يتعلق بفلسطين والأقصى.
أما السيناريو الثاني، فهو يتمثل في إصدار الملك السعودي قراراً بالعفو عن المعتقلين الفلسطينيين وترحيهلم من السعودية للالتفاف على المبادرة، وهو سيناريو وارد في ظل جدية جماعة “أنصار الله” وإصرارها على شروطها وعدم تنازلها عنها.
وثمة سيناريو ثالث، فقد تعمل بعض الأطراف التي تجمعها علاقة مع حركة حماس، مثل جمهورية مصر العربية، من خلال جهاز المخابرات العامة، بالتدخل ولعب دور الوساطة بين حماس والسعودية للإفراج عن المعتقلين، في خطوة تهدف إلى تعزيز صورة العلاقة المصرية السعودية، وحرمان المحور الداعم والمساند للمقاومة من صورة النصر على السعودية. كذلك، لا يمكن إغفال سيناريو تجاهل السعودية للمبادرة وعدم التعاطي معها.
أياً كان السّيناريو الذي سيذهب إليه النظام الحاكم في السعودية، فإنه لن ينجح في سلب صورة النصر من قائد “أنصار الله” عبدالملك الحوثي، فيسجّل له السبق في تفعيل القضية، ولن يحسّن صورته أمام الجمهور العربي والإسلامي المساند للمقاومة، حتى لو عمل على حلّ القضية عبر استضافة أي من قيادة حماس لإغلاق الملف مع الحركة.
في النهاية، تبقى الرسالة الأهم هي محورية قضية فلسطين، وفاعلية المحور الداعم والمساند لها كحالة متماسكة في مواجهة المشاريع الأخرى في المنطقة.
*المصدر: موقع الميادين أون لاين*
Discussion about this post