بقلم ناجي امهز
هناك نظريات كثيرة تتكلم عن امم قبلنا وصلت الى قمة التطور والتكنولوجية، وقد اندثرت هذه الحضارات مع تقدم التطور، وكل ما تبق بعض النظريات الافتراضية التي شغلت الكثيرين وما زالت تشغلهم حتى يومنا هذا.
انا اليوم اجد ان هذه النظريات حقيقة، بل جعلنا فيروس كورنا نتلمس هذه الحقائق ونشاهدها بالعين المجردة.
ولا استبعد ان تنقلب الكثير من المفاهيم التاريخية والعلمية مع تطور ازمة كورونا، فالعالم اليوم والذي لا يتعدى عمره تسعون سنة قد شاخ وهرم بسرعة فائقة، وهو يسير نحو الموت باقل من عمر الانسان.
حقيقة رغم الالم الذي يسببه وباء كورنا الا انه كشف الكثير من الامور واعاد اعتدال الموازين الى طبيعتها الاولى خلال شهر واحد، فالكرة الارضية اليوم تستعيد انفاسها بعد ان كاد يخنقها الانسان، من تلوث اصاب المحيطات والاجواء، وما شاهده العالم من متغير مناخي ادى الى تشكيل العديد من موجات تسونامي العملاقة ناهيكم عن الاعاصير التي لم تعرف مثلها البشرية بالاضافة الى حرائق هائلة اتت على ربع الكرة الارضية واخرها باستراليا وقبلها بغابات الامازون، وظهور العديد من الامراض المستعصية والنفسية بسبب نمط حياة فقد فيه التوازن الروحي امام الخلل المادي.
فحقيقة كورونا لم تتوقف عند الطبيعة، بل ايضا كشف المستور من زيف النظم وتداعيات العولمة وافرازات النظام العالمي الجديد،
كورنا عرى رجال سلطة السياسة والمال، امام شعوبهم، كما كشف اللثام عن خديعة نجوم الفن والتمثيل والرياضة الذي حولهم الاعلام الهابط الى رموز يتقاضون مبالغ مالية خيالية، وانهم هم المستقبل، وعندما حانت ساعة الحقيقة وجدنا ان كل ما نعيشه ليس الا وهم ودجل، فاليوم من يهتم بالسياسي او صاحب الاموال وحتى من هو مستعد ان يصغي الى سياسي او يستمع لفنان، او يرفع القبعة لرياضي.
وباء كورونا افهمنا الحقيقة كما هي دون رتوش، وبان الارض لا يبنيها الا العمال والفلاحين ومعهم ومنهم المهندس والطبيب والممرض ولا ينظم مجتمعها الا المعلم والجندي، ولا ينهض بها روحيا الا رجال الدين والكهنوت الصادقين، وبعض الفلاسفة الذين يبحثون عن الحقيقة لارتقاء الانسان.
فاليوم من منا لا يصلي ويدعي ان يرفع الله غضبه،
من منا اليوم لا ينتظر او يصغي بكل جوارحه الى ان يخرج عليه طبيب ليقول له لقد اكتشفت العلاج.
اين كل ما قدمه الاعلام عن نجومية الساسة الرياضيين والمطربين والرقصات والممثلين، اصلا اين هم، اين يصرفون، ما قيمتهم امام حقيقة الموت، لا شيء.
حتى اصحاب الاموال اليوم اين سيكونون غدا، ان لم يذهب الفلاح الى ارضه والعامل الى عمله، فأموالهم لا تنتج حبة قمح.
اذا هذه الحقيقة تؤكد انه ربما كان قبلنا حضارات كبيرة متقدمة وصلت الى عنان السماء وقمة التطور والتكنولوجيا، لكنها بعد ان اكتشفت تأثير الذبذبات على صحة الانسان قد اتلفت هواتفها وحطمت محطاتها، واصدرت القوانين والشرائع التي تحرم من جديد انتاجها، وعادت الى الطبيعة، بعيدا عن تلوث اساليب النقل الحديثة، وطفرة المختبرات، ورويدا رويدا ابتعدت عن قوانين الفيزياء، وربما حدث صراع نووي يشابه ما تتملكه اليوم دول العالم والذي هو قادر ان يفجر الكرة الارضية برمتها واضعافها عشرات المرات.
لا يستبعد شيء فالعالم تغير خلال شهر، ناسفا تسعون عاما من التطور، هبطت اسعار النفط، انهارت البورصات، توقفت الملاحة البحرية والجوية، وحجرت الجيوش، وسقطت العروش، وتوقف الحجيج وانتهت الزيارات، واغلقت كافة الابنية ولم يبق للانسان الا منزله، وهو يراقب بصمت ورعب ما يجري حوله.
كثيرا كنا نتساءل كيف ستنتهي التكنولوجيا ويظهر ما تحدثت عنه الاديان والميثولوجيا، وان يعود الخيل وحروب السيوف والقوس والنشاب.
وان عدنا الى قصيدة بارمينيدس استاذ سقراط لفهمنا الحياة عن قرب اكثر مما نعيشها اليوم بالواقع.
وايضا ربما افلاطون قد نقل عن سقراط رواية تلك المدينة المتطورة أطلنتس المفقودة، كورونا يرسم الاشياء المفقودة ليظهرها او ليجعلنا نعيد صياغة عالمنا.
نعود الى قصيدة بارمينيدس
فهو تحدث عن تلك السفينة الام التي صعد اليها حين فتح الباب امامه باتجاهين علوي وسفلي.
مما جاء بالقصيدة وهي كتبت بالقرن الخامس قبل الميلاد
و أغلقت البوابات الذاهبة في الهواء بأبواب عظيمة، و احتفظت العدالة ( ( Dikê ذات العقاب الشديد في يدها بمفاتيحها.
و خاطبتها العذارى بألفاظ عذاب يغرينها بإنزال العوارض عن البوابات بغير إبطال. فلما انفتحت الأبواب كشفت عن فضاء واسع، ثم عادت مساميرها البرونزية إلى مواضيعها.
هناك طريقان لا غير للمعرفة يمكن التفكير فيهما، الأول أن الوجود موجود، و لا يمكن أن يكون غير موجود، و هذا هو طريق اليقين، لأنه يتبع الحق. و الثاني أن الوجود غير موجود، و يجب ألا يكون موجودا، وهذا الطريق لا يستطيع أحد أن يبحثه، لأنك لا تستطيع معرفة اللاوجود و لا أن تنطق به، لأن الفكر و الوجود واحد و نفس الشيء.
Discussion about this post