كلمةالشيخ الدكتور أحمد بدرالدين حسون
مفتي سوريا في مؤتمر علماء اليمن
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من ربوع بلاد الشام، من الأرض التي بارك الله فيها للعالمين، أرسل تحية إيمانٍ وحب، وأمنٍ وأمان، إلى أرضٍ فيها نفس الرحمان وفيها أمةٌ أحبها الرسول عليه الصلاة والسلام، وشعر بأنفاسها تأتيه من اليمن إلى طيبةَ الطيبة، من بلاد الشام التي تُمتحن اليوم بأشد أنواع الامتحان، وإلى أرض اليمن أرض الطهر والنقاء، التي تسلط عليها من يريد أن يدمر الإيمان في أرض الإسلام.
نعم نحن اليوم نعيش ما بين الشام واليمن مأساة ضياع فلسطين، فما كان الهدف يوماً يمنٌ ولا شام، ولكن الهدف كان القدس ومكة، أن تصير في ظلال يتحكم فيها أعداء الله وأعداء الإسلام.
لذلك سادتي أصحاب السماحة والفضيلة إنني إن عدت إلى رياض القرآن وسألته من نحن؟ وأين سنكون؟ سأجد قول الله عزوجل ينير لي ولكم الطريق ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾، إنها أمة وليست دولة، إنها أمة وليست جماعة، إنها أمة وليست أعراق، إنها أمة وليست مذاهب متقاتلة، فما الذي حدث لهذه الأمة التي أنارت الكون بأجمل رسالات السماء، وعنوانها ﴿لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ﴾، لماذا ونحن الذين جمع لنا القرآن كل رسالات السماء، توراةً وإنجيلاً وزبوراً وصحف إبراهيم عليه السلام، لماذا اليوم نحن دولٌ ومذاهبٌ وجماعاتٌ وأعراقٌ وحدود؟ أهكذا كنا! ما الذي أوصلنا إلى اليوم لـمَّا نسينا خطاب الأمة الواحدة، ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُون﴾ وإذا بنا نُقسّم في حدودٍ سياسية، وفي حدودٍ عِرّقية، وفي قبائل متقاتلة، وفي مذاهب وطوائف متشاحنة، من كان يقود هذا الفكر؟ ومن الذي دخل علينا بالإعلام الذي مزّق أمتنا، وبالحروب التي دمّرت الكثير من تأريخنا، وهي تعمل اليوم عن طريق من يرأس الولايات المتحدة الأمريكية ليدمر مستقبلنا.
أيها السادة .. أصحاب السماحة والفضيلة أنتم روح الأمة، أنتم أمل الأمة، أنتم من تحملون التأريخ قيماً وحضارةً وأخلاقاً، وأنتم من ستعلمون الأبناء شجاعةً وشرفاً وإباء، لذلك وأنتم تلتقون اليوم واليمن يئنّ من جراح إخوته، وسوريا تئنّ مما صنعت بها مائة دولةٍ ودولة، والنبي الحبيب أخبر عالمنا الإسلامي وحكّام المسلمين بالذات أن الشام واليمن سيبقى بهما نورُ الشريعة إلى يوم القيامة، وذلك مصداق دعاء رسول الله صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ «اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا».
نعم ستبقى الشام واليمن هي مشرق النور والإيمان والإسلام، وستنصر على من جاؤوا إلى اليمن ليأخذوا طريقاً إلى الخليج ليصدروا بترولهم من أرضهم ونسوا أن في اليمن أمة حملت أزكى رسالة وأشرف إيمانٍ للعالم الإنساني.
نعم ستبقى الشام تقول بكل صدقٍ لكل ما يخطط للقدس وما يخطط للأمة، لا، ولو بقينا وحدنا، فليس ترامب وليس بعض حكّام العرب من يتحالفون اليوم مع الصهاينة، ولا أقول إسرائيل، فإسرائيل إسم نبيٍّ من الأنبياء هو بريءٌ مما يفعل هؤلاء الصهاينة، كما رسولنا الحبيب صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ بريءٌ مما يفعل باليمن وبالشام، وبليبيا، وبالصومال، وبفلسطين التي يحاولون نسيانها.
نعم إننا أمةٌ حملت رسالة، وستبقى رسالتها ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ فليس ترامب من يحقق ويقرر أمر فلسطين، وليس بعض الأعراب الذين يذهبون إلى ألمانيا وإلى أوربا ليمسحوا مسحة الحنان على قلب الصهاينة بما دمّروه وبما حرقهم به على ما يدعون «هتلر» وكلها مآسٍ نحن ننكرها ولا نرضى بها، ولكن الذين تباكوا وصلّوا هناك من أجل مجزرة بني صهيون، أنسو أن يصلوا في دير ياسين، أنسوا الصلاة في ربوع فلسطين التي ذبح فيها الآلاف من أبناء المسلمين وهدّمت مساجد وكنائس يذكر فيها اسم الله.
لماذا ذهبوا يتباكون هناك؟ ويسمحوا لطيران العدو الصهيوني أن يمرّ في أجوائهم ولا يسمحون لطيران صنعاء أن ينقل الجرحى إلى عمّان، ولا يسمحون لطيران بلاد الشام أن يمر فوق أرضهم، لذلك نقول لمن ارتضوا أن يبيعوا رسالتهم، قد جاء قبلكم أبو رغال فدل الأحباش على طريق مكة فقصفه الله بالأبابيل، وما أكثر أبي رغال في زماننا حُكّاماً يدلسون على الأمة أنهم طلاب سلام، وما هم طلاب سلام! إنهم طلاب إذلال لشعوبهم، وإذلال لرسالتهم، ولكن أبشركم أصحاب السماحة والفضيلة، أقسم لكم أن اليمن سيبقى فيه نفس الرحمان إلى يوم القيامة، يحمله رجال صدقوا ما عاهدوا عليه، يحمله رجالٌ مؤمنون صادقون، لا يخونون، ولا يبيعون، وستبقى الشام هي عمود الإسلام إلى يوم القيامة، هكذا حدثنا الصادق المصدوق صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ.
لكم كل التحية وللقائكم دعاءٌ إلى الله عزوجل أن يؤلف بكم القلوب، ويجمع بكم الشمل، وأن نرى اليمن والشام جناحا الإسلام والإيمان، بركة دعاء رسولنا الحبيب صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ تفيض على كل الأقطار العربية والإسلامية وننشر الرحمة للإنسانية جمعا.
وفقكم الله وجعل لقاءكم لقاء الأبرار الأخيار أهل الجنة، وجمعنا بكم عن قريب بنصرٍ إنه سميعٌ مجيب للشام وأهلها ولليمن ولجبالها، تلك القمم التي حافظت على القيم، وتلك السهول التي سقت الجزور، سلامٌ عليكم من ربوع الشام التي سيبقى بها عمود الإسلام إلى يوم القيامة ليعانق في اليمن نفس الرحمان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
Discussion about this post