✍🏻 عبدالملك سام
حتى لا أضايقكم بتحذلقي الزائد فمعنى المصطلح الذي أتخذته عنوان للمقال هو: “شخص غير مرغوب فيه” وفق أصطلاح البعثات الدبلوماسية حول العالم.. الآن بالتاكيد تكونت لديكم فكرة عن الموضوع، أي اننا سنتحدث عن العلاقة غير المستقرة التي تربطنا بجهات دولية.
المشكلة أننا تلقينا كما هائلا من خيبات الأمل مع كل دبلوماسي التقينا به، فيما عدا البعض القليل. كلهم يأتون للوساطة أو عرض خدماتهم، ولكنهم ينصدمون بأن جهودهم لا تلقى ترحيبا لدى طرف المرتزقة المرتبط بأرادة ورغبة دول العدوان مهما بذلوا من وقت وجهد، وبعضهم كانت نواياه حسنة فعلا ولكن هذا لم يشفع لهم لدى المرتزقة الذين يرفضون معظم هذه الوساطات بسبب الضوء الأحمر القادم من الرياض وأبوظبي!
مع تكرار هذا الأمر أنتقلت عدوى الشكوك إلى صنعاء، وأصبح المسؤولين لدينا يتطيرون من أي وافد دولي سواء كان ممثلا حكوميا او ممثل لمنظمة دولية، وهذا الأمر أصبح جليا في تلك الرسائل التي يرسلها مسؤولينا في لقاءاتهم بتلك الشخصيات الدولية، ولولا الوضع الحالي الذي نعيشه في ظل العدوان والحصار لما تحرج مسؤولينا من أعتبار هؤلاء الممثلين (برسونا نان قراتا) وطردهم.
هذا الأمر قد يكون مبررا أحيانا، لكن المفترض ان نكون مدركين أن هؤلاء – فيما عدا مندوب الأمم المتحدة طبعا – غير مجبرين على التعامل معنا وأن عملهم هذا في الغالب هو مبادرة أختياريه لا يجب أن ترفض بالمجمل، فنحن نحقق نجاحا مستحقا في الحانب الإعلامي رغم صعوبة الظروف التي نمر بها، وهو ما يؤدي إلى وصول الصورة الحقيقية للوضع في اليمن إلى العالم، وبالتالي فهذا ما يدفع بعض الدول والجهات لمحاولة فعل شيء ما. لذا يجب أن نكون منصفين في تعاطينا ورؤيتنا لهذه الوفود، وألا تكون مطالبنا غير متناسبة مع ما يمكن لهذه الوفود القيام به، او أن نرى كل هذه الدول والمنظمات بنفس النظرة.
فالأوربيين – غالبا وليس دائما – يكفي أن نحضر لهم ملفات أنسانية يمكن أن يستخدموها ضد دول العدوان التي غالبا لا تربطها بهذه الدول علاقات مستقرة بسبب تاريخها الأسود في مجال حقوق الإنسان، كما أننا يمكن أن نعطي هذه الدول نبذة عما يمكن أن تكون عليه العلاقة بين حكومتنا وحكومات هذه الدول في المستقبل بعد أنتهاء العدوان والحصار، وأيضا توضيح ما يمكن لهم أن يفعلوه دون مبالغة في هذه المطالب، ولا بأس أبدا بأبداء الكرم واللطف الذي يتحلى به الشعب اليمني مع دول لا تشارك فعليا في العدوان بصورة ما، وتوضيح الملفات التي يمكن أن تستخدم مستقبلا ضد الدول المشاركة في العدوان.
أما المنظمات الدولية وخاصة تلك التابعة للأمم المتحدة فأن تعاطينا في ملفات الفساد فيها لا يعنينا، فهذه المنظمات تعرف هذا جيدا، كما اننا غير مسؤولين عن مكافحة الفساد فيها طالما ونحن مازلنا نشكو منه في ظل سبات الأجهزة الرقابية عندنا! هذا لو كنا نريد أن نكون منصفين، بل أن الطريقة الصحيحة للتعامل مع هذه المنظمات يجب أن يكون بهدف زيادة حجم هذه المساعدات والتعاون معها بالمنطق والحكمة، فكيف يمكن لنا أن نشجعهم ونحن دائمي النقد لهم فيما يعنينا وفيما لا يعنينا؟! أما مسألة حرق المساعدات فهذا مالم أستطع أستيعابه! ماهي الفائدة المرجوة من عمل كهذا؟! المفترض أن نطلب مندوب عنهم ليستلم تلك المساعدات او يقرر هو ما يفعل بها بمعرفتنا طبعا، أما حرقها بتلك الطريقة يظهرنا غير واثقين حتى في جهات الضبط في حكومتنا نحن!
المطلوب أن نكون أكثر حكمة في هذه الأمور، فالحماس الزائد قد يؤثر علينا سلبا. يجب أن يكون القائمين على أمور السياسة الخارجية على قدر عالي من الفهم والدقة والإلمام بكل صغيرة وكبيرة في أي أجتماع مع الأطراف الدولية وما هدفها وماذا تتوقع منا، فهذا الأمر كفيل بجعلنا نستفيد إلى أقصى حد من أي علاقة خارجية، خاصة مع تلك الدول التي تشاركنا مشاعر الكراهية لدول العدوان وما ترتكبه من جرائم في اليمن، أما تسجيل المواقف فقط دون هدف فهذا لا يمكن أن يكون تصرفا حكيما بأي شكل.
Discussion about this post