** الصّمّاد بيننا **
الكاتبة /أشواق مهدي دومان
وحدهم العظماء من يستند إليهم المجد و يفاخر بهم التّاريخ سطورا من ذهب يردّدها في غير كلل أو مَلل،
ذلك الشّامخ النّبيل كطود يمانيّ لم تعهده المسؤولية ( من قبل ) و هي التي افتقدته حين كان أوّل رئيس يماني يشعر بها و يعيشها كأنّها خفقة قلبه و نبض فؤاده ،
الصّمّاد من أحبّه شعبه بالإجماع و كأنّه عنوان قضيّة و ملف عشق بكته الأرواح من كلّ حزب و طائفة و مذهب ، فلا زالت ذاكرتي موجوعة بنحيب شعبه عليه ، و لازالت دمعات كبار الرّجال بين عينيّ تجرح فؤادي الذي ما التفت يمنة أو يسرة إلّا و وجد الصّمّاد حبيب الشّعب ،،
فهناك رأيتُ تلك النّساء يصرخن باكيات ( يوم استشهاده ) في مشهد مهيب و كيف لا يُحزِن فراق قرآنٍ مشى على الأرض ؟؟ !!
الصّمّاد بروحه القرآنيّة صدق فيه قول الشّاعر العربيّ :
أقسّم روحي في جسوم كثيرة
و أحسو قِراح الماء، و الماء بارد ،،
مقولة شاعر جسّدت قيم الإيثار به قيم الشّهيد الرّئيس فهو من تفانى و بذل روحه و افتدى بها غيره حين أتاه تحذيرا بأنّ العدوان يتربّص به ليقتله بغاراته فما تزلزل في لحظة قد يضعف فيها شديد الإيمان ، لكنّه يؤثر شعبه على روحه فيفضّل أن تصيبه غارات العدوان مؤمنا ، متمنّيا لشهادة تغيظ العدوان ، وقد نالها ، حين اختار أن يُقتل وحده على أن تُقصف الصّواريخ موكبه في شدة زحام المسير ،
الصّمّاد من لم يترجّل بل كان مساره هو مسار رفيق و وصيّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ليلة هجرة النّبي من مكّة إلى المدينة ، الذي نام في فراش رسول اللّه و هو على يقين بأن روحه كلقمة سائغة في فمّ الموت، و مع هذا لم ينثنِ ، ِ ولم يتوانَ من أن يوهم المتحالفين لقتل رسول اللّه بين قبائل قريش بابتعاث أشجع فرسانهم و الاشتراك بضربة واحدة من جميعهم تفرّق دمه فيضيع القصاص ، وتنتهي قضيته ،،
هكذا رحل الصّمّاد في درب الكرّار عليّ بن أبي طالب ، ،
مضى الصّمّاد و قد مرّ الموت الزؤوام في دربه حيثما وجّه وجهه فقد قاتل أيّام كانت مظلوميّة و حروب صعدة بقيادة و في عهد دولة بني الأحمر ، فما وضع سلاحه و قد شارك في غزوات تشبه غزوات أبي الحسنين في عهد النّبوّة ، والتي كانت ضدّالبغي و الظلم .
الصّمّاد ذلك الحيّ في الأرواح بجهاده و حضوره القويّ فلم يهجر ساحة معركة بل كان هو القائد القدوة يزور رجال اللّه في ساحاتهم ، و له صولة و جولة أرهقت صفحات السّياسة التي اعتادت رئيسا يقبع في دهاليز القصور بين النّعم و التّرف ، و يبني القصر تلو الآخر ليستشهد الصّمّاد ، و هو لا يمتلك بيتا يسكن فيه بنوه و أهله ، الذين اشتدّ بهم الحزن فما هي إلّا فترة من زمن و يلحقه والده بحزن يعقوب على يوسف متأثرا بوجعه عليه ، فكأنّ والده لم يرِحه سوى أن يشتمّ رائحة ولده في ذلك العالم الآخر ،،
الصّمّاد : بحروف من ذهب كتب حكاية صمود شعب و ترجّل غازيا و هو الفارس الذي ما نسيته ساحة معركة ، ومن المعارك معركة الكلمة حين كان يلقي خطاباته مرتجلا إيّاها فصيحا بليغا مبينا بيان ثقافة القرآن التي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لامن خلفه ، فهو المحتضن بين حنايا فؤاده قضية أمتّه و التي زار بها رجاله في كلّ موقع و عرين ، كما أنّه لم يهمل شقائقهم بل سجّل حضورا و أنار زائرا شقائق الرّجال مقدّما توجيهاته دون أوامر تُتلى عليهن و هنّ الحرائر بانيات و حاضنات النّصر بحضانتهن للمجتمع كمّا عبّر هو عن ذلك فقد عرّف النّساء بتعريف القرآن دون تهميش الغرب المختزل للمرأة سوى من سلعة رخيصة و أداة تستغل لتبديل و مسخ القيم و نشر الفوضى و تعميم الرّذيلة ،،
حيث إنّه جعل منها جوهرة مصانة و لكنّه لم يجمّدها كقطعة أثاث تّحرم أبسط الحقوق ، و يُستخف بها كما تفعل دول الخليج و رمزها دولة بني سعود بالمرأة حين قامت الدّنيا و لم تقعد فقد رغبت امرأة في أن تقود سيّارة ؛ فحرّموا عليها ذلك (آنذاك ) ، و تطرّفوا فيما بين التّزمت و الانفلات في حين أشار الشّهيد الرّئيس للمرأة بأنّها الحرّة ، مستقلة العقل ، المرأة في نظر الصّمّاد هي أيقونة الحكمة التي سجّل لها القرآن حكمتها و عدلها في حكمها في غير إقصاء لها و لا استخفاف لتستمر ذلك الرّافد للنّصر و الوعي و الأنموذج الأنصع و الأرقى على مستوى تاريخ البشريّة ؛ فبنت اليمن هي ذلك المكوّن الخطير في رفد الرّجل السّوي بالدّعم و محاولة تقويم المنحرف ،
و قد ضرب شهيدنا الرّئيس ( الصّمّاد ) أمثلة لأنموذجات المرأة اليمانيّة من القرآن بنساء منهن سيّدات نساء العالمين مَن حاربن الطّغيان في مربضه ؛ فتلك آسيا ( زوج فرعون ) تربّي و تتّخذ من نبي اللّه ( موسى ) ، وكليمه ولدا فتمنع قانونا فرعونيّا متألّها يذبّح الرّجال في باكورة ولادتهم و يستحيي النّساء ، فتكمل تلك الزّوجة دور أخت موسى التي كانت أوّل وسيط ينتصر على فرعون في مراقبتها لأخيها موسى الذي رمته أمّه في البحر مستجيبة لأمر اللّه مصدّقة لوعده بأنّه سيعيده إليها و لكنّه ( سبحانه وتعالى ) كسر قرن شيطنة فرعون بها و بأخته و بزوج فرعون ، فكانت تلك النّساء اللاتي يخاف أنموذجهن العدوان السعو أمريكي الظّالم على اليمن ؛ فهو يرهب من تلك التي تقدّم ولدها و زوجها و أخاها و ابنها رجلا مقاتلا يهزم تحالفهم و جيوشهم بثباته المرتوي من ثباتها و صبرها ،
و هي الباذلة لمن يعولها فتتحمّل قسوة الحياة بدلا عنه ، و هي الأمّ ، و المربيّة ، و الأستاذة المحاورة ، والإعلاميّة ، وبنت الحكومة التي تشترك في صنع القرار ، و لحضورها القوي يريد العدوان تغييبها و قتل روح مريم بنت عمران و آسيا زوج فرعون و أخت و أمّ موسى و بلقيس اليمن فيها ، و يستبدلها ( بزليخة) ، و بفتنة الأنثى و محاولتها إخراج الرّجل إلى مربع الغواية كما فعلت ( زليخا) التي أودعت بكيدها ( يوسف الصّدّيق ) سجنا مظلما عدد سنين ،،
كلّ ذلك بثّه الشّهيد الرّئيس الصّمّاد في إحدى زياراته لحفيدات أروى و بلقيس ،،
و بتلك الرّوحية و المثاليّة تعامل مع شعبه رجالا و نساء ، فباللّه عليكم :
أيُنسى رئيس ٌ كالصّمّاد ؟ ؟
الجواب : لا و ربّ الكعبة ، لن ننساك يا رئيسنا ، و لنحيينك حياة طيّبة في أرواحنا، ماضين على خطاك و في دربك ، و فيه و عليه فليتنافس المتنافسون ، و السّلام .
أشواق مهدي دومان
Discussion about this post