د. مصطفى يوسف اللداوي
ليس أخطر على الشعب الفلسطيني وربما على الأمة العربية والإسلامية من حكومة نتنياهو السادسة، اليمينية المتطرفة، الرجعية المتخلفة، الأصولية الجامدة، العدمية الخشبية، العنصرية الفوقية، التي لا ترى غير اليهود أهلاً للحياة والعيش في فلسطين المحتلة، وهم الذين وفدوا إليها من شتاتٍ لا ينتمي إليها ولا يرتبط بها، فاستوطنوا فيها هجيناً متناقضاً، ونسيجاً ملفقاً، وجماعاتٍ لا جذور لها في أرضنا، ولا تاريخ لهم فيها، إلا ما افتروه كذباً وبهتاناً، وما زوروه عمداً وعناداً.
هذه الحكومة كما كل الحكومات الصهيونية السابقة، لا تختلف عنها ولا تتناقض معها، لكنها أوضحها وأغباها، وأسودها وأسوأها، لا تؤمن بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، وتحاربهم فوق ترابه وتحته، وتحاصرهم في بره وبحره، وتمنع عنهم سماءهم وفضاءهم، وتنكر أنهم الأصل وأنهم أصحاب الأرض بلا منازعٍ أو شريكٍ، ولا تعترف بأن هذه البلاد بلادهم قبل أن يكون اليهود وتتشكل هويتهم أو يظهر دينهم، فهم الذين عمروها وسموها، وبنوا مدنها وعلَّو أسوارها، وعاشوا فيها وقاتلوا من أجلها، وفيها سمت قوميتهم ونطق بالضاد لسانهم، فكانوا فيها هم العرب الأوائل، نسل كنعان وعدنان وقحطان، ثم كانوا أبناء الفتح الإسلامي العظيم، ونصارى الأرض المقدسة الأوائل.
هذه الحكومة البغيضة وإن كانت غبيةً ضحلة الفكر وعديمة التجربة، وتظن أنها بعصاها الغليظة وأفكارها المتطرفة تستطيع أن تروض الشعب الفلسطيني وأن تخضعه، إلا أنها حملت معها الأحلام اليهودية القديمة، واستعادت الأطماع الصهيونية الأولى، واستحدثت أهدافاً جديدةً، ورسمت غاياتٍ كبرى، مما يجعلها الحكومة الأخطر، التي يجب علينا التصدي لها ودق عنقها، وتحدي سياستها وكسر إرادتها، وضربها على رأسها لتصحو وتستفيق من سكرتها، وتؤوب إلى رشدها وتعي حقيقة أمرها، تعترف بحقوق الآخرين وتقف عند حدودها، وإلا فإنها قد تمضي قدماً في مخططاتها، وتحقق ما عجز السابقون من أسلافها على تحقيقه.
نشأت هذه الحكومة وتشكلت على مجموعةٍ من المبادئ والأهداف التي فرضتها أحزابها ووقع عليها رئيسها، وصادق عليها أعضاء الكنيست ووافقوا على جميع بنودها، فهي تريد الأرض الفلسطينية كلها لليهود وحدهم، ولا تريد لأحدٍ أن يشاركهم العيش فيها، إلا أن يكونوا جالياتٍ أو سكاناً يقيمون فيها بموجب تصاريح إقامة مؤقتة، تخضع لشروطٍ كثيرة وتلتزم بضوابط عديدة، ويجوز للحكومة الإسرائيلية سحبها ممن تريد وحجبها عمن لا تريد أن يقيم فيها.
Discussion about this post