بناء ثقافة الإنسان و السلام
الدكتور يحيى أبو زكريا
لا يختلف عاقلان أن ما يجري اليوم في العالم العربي و الإسلامي سيرخي بظلاله على أجيال مقبلة قد يصعب أن تتخلص من تعقيدات الراهن و إرباكاته في كل المستويات ..وفي خضم فورة الدم و الهيجان الأمني و الزلازل الأمنية أصبح العقل مهمشا و حلّ محلّه العنف و العنف المضاد الذي أعاد الأمة الإسلامية إلى درجة ما قبل الصفر , فالتراجع سيد الموقف في كل المجالات الإستراتيجية و الثقافية و العسكرية و الأمنية و التنموية و الإقتصادية والسياسية ..
و يجب أن يعرف الجميع مهما كانت مشاربهم السياسية و الإيديولوجية و العقدية أن الإسلام الذي هو دين الجميع يأمر بالصلح و المحبة و التشاور و التناصح , و يحرّم القتل و القتل المضاد , و يدعو إلى السلم و التلاقي ..
فالسلام بين المسلمين و غيرهم فريضة إسلامية , يجب أن ينصاع لها الجميع , و بعيدا عن الإنفعال يجب أن تتجه النخب العربية و الإسلامي إلى فعل النقاش الحضاري إنقاذا للراهن و المستقبل ..
ومن الأولويات المطروحة اليوم مسألة حقن الدماء و حفظ الأنفس و الأرواح و الأعراض و الخروج من دائرة التكفير و التكفير المضاد و حصر الخلافات المذهبية و الفقهية في الإطار العلمائي و عدم الزج بالخلافات إلى الشعوب العربية و الإسلامية أو الفضائيات الإعلامية , ليتم نبذ كل ما من شأنه تكريس الكراهية و البغضاء بين المسلمين .
المسلمون كل المسلمين في الراهن ليسوا مسؤولين على مجريات التاريخ الإسلامي و هم ملزمون شرعا بالإلتزام بالنص القرآني و النبوي , و كل من من شأنه أن يعكر صفو تلاقي المسلمين يجب أن يطرح جانبا و عد إستثماره في الأدبيات السياسية و المنابر و غيرها ..
الفرد مسؤول و المجموع مسؤولون في العالم الإسلامي و أول ما يقضى في الدماء , وليعتبر كل مسلم نفسه مسؤولا عن وقف شلال الدم المفتوح في العالم الإسلامي ,.
وعلى الصعيد السياسي الرسمي على النظم العربية و الإسلامية أن تنهج مبدأ العدل الذي هو أساس الملك , فالعدل في الحكم يورث الطمأنينة و السلام و تتيح الحرية ضمن الثوابت الإسلامية أن يكون النقاش أي نقاش في إطاره النظري ..
وقبل الشروع في تقويم النظم و الجماعات يجب أن نقرر كمسلمين نبذ الشتائم و السباب و التكفير و اللعن و كل ما نهانا عنه الإسلام الحنيف , و سيؤدي تنقية الأجواء و الفضاء الإعلامي و السياسي و الحركي من خطاب الإنفعال و الحقد و الشتم و التخوين إلى تهيئة المناخ العام لمصالحة شاملة في العالم الإسلامي ..
وهذه الأهداف الكبرى المنشودة لا يمكن أن تتأتى فجأة بل يجب أن تصبح قناعة فكرية للجميع , و إرادة التلاقي و المصالحة أقوى من إرادة التفتيت , حفاظا على إرث الإسلام و وصية الرسول عليه الصلاة و السلام : " «لا تعودوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض "
Discussion about this post